فإنَّها وردت إلينا الأسئلة الصنعانية , أوردها السائل طالباً للكشف والبيان وملتمساً لأدلة المختار بقواطع البرهان فامتثلت أمر الرحيم الرحمن , وأجبت بحصيلة ما عندي وبذلت في أجوبتها مبلغ جهدي على أنها مكشوفة الدلائل واضحة للمسئول والسائل , إن حصل من متأملها الإنصاف , وتجنب طريق الاعتساف , وكان القصد رضاء الرحمن , ودحر الشيطان , فأما من تعجرف وتنكب الطريق وتعسف واتبع هواه وجانب هداه فلو أتيته بكل آية ما استجاب )إنَّكَ لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ( [القصص– 56] , أمدَّ الله الجميع بمواد التوفيق لإصابة الحق , وصلى الله على سيدنا ما هي مسائل أصول الدين؟ قال السائل أرشده الله: ما هي مسائل أصول الدين؟

أقول: إن أصول الدين هو العلم الذي يبحث فيه عن معرفة الله تعالى وعما يجب له من صفات الكمال وما يجب أن ينفى عنه من صفات النقص وما يتبع ذلك , وما يبحث فيه عن معرفة عدل الله سبحانه في أقواله وأفعاله وما يتبع ذلك , وما يبحث فيه عن وعد الله تعالى ووعيده وما يتبع ذلك

هل الحق في مسائل أصول الدين واحد أم هو متعدد؟

قال السائل أرشده الله: السؤال الثاني هل الحق في مسائل أصول الدين واحد أم هو متعدد ؟ وإذا كان واحداً فما حكم المخالف في الدنيا والآخرة؟

الجواب والله الموفق والهادي: الذي نختاره ما عليه جمهور الأئمة والأمة أن الحق واحد في المسائل القطعية ما كان منها عقلياًَ ضرورياًَ وما كان منها دليله نصاً قاطعاً وهذا قول أكثر الأمة من أهل العدل وغيرهم إذ لو لم نقل بوحدة الحق فيها لأدى إلى تصويب القولين المتناقضين كقول المشبه ونافي التشبيه والجبري والعدلي ولاشك أن أحد القولين مناف للحقيقة وللصواب فإن اعتقاد التشبيه واعتقاد نفيه لا بد أن يطابق أحدهما ما في نفس الأمر والآخر يخالفه ضرورة استحالة اجتماع النقيضين في حالة واحدة لمثل هذا وجب القول بوحدة الحق فمن عاند بعد وضوح الدلالة فهو آثم فإن خالف ما علم من الدين ضرورة فكافر أو أدى عناده وخلافه إلى تكذيب الله تعالى وتكذيب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فكذلك , لأن تكذيب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم كفر بالإجماع , ولأن المعاند رَادٌ لما جاءت به الرسل فيكفر برده لذلك ومن تأول الشرائع بالسقوط فهو كذلك كافر وإن لم يعاند أو كان خطأهُ مما يؤدي إلى الجهل بالله تعالى  أو إلى إنكار رسله فيما بلغوه عن الله تعالى أو يؤدي إلى إنكار ما علم من الدين ضرورة فكافر أيضاً ومن تعمد وعاند وخالف في غير ما علم من الدين ضرورة ففاسق لتعمده مخالفة الحق بعد وضوحه ويستدل للجميع بقوله تعالى :)ومَنْ يشاققِ الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً( [النساء – 115] وغيرها من الآيات .

هل يجوز الأخذ بالدليل الظني في مسائل أصول الدين؟

قال السائل أرشده الله: السؤال الثالث هل يجوز الأخذ بالدليل الظني في مسائل أصول الدين أم لا ؟

الجواب والله الهادي للصواب: أن الدليل الظني لا يوصل إلا إلى الظن والمسائل الأصولية المطلوب فيها العلم ولأنّ الظانّ لا يأمن فيما يعتَقده أن يكون جهلاً والإقدام على مالا يأمن كونه جهلاً قبيح كالإقدام على الجهل ولان العمل بالظن مع إمكان العلم قبيح وللآيات الكريمة نحو قوله تعالى : )إنَّ الظن لا يغني من الحق شيئاً( [يونس – 36] وعاب وذم سبحانه وتعالى متبعي الظن فقال سبحانه : )إن يتبعون إلا الظن( [ الأنعام– 116] , وقال تعالى : )إنْ أنتم إلاَّ تخرصون( [ يونس – 66 , الأنعام - 116 ] , وأوجب اتباع العلم ونهى عن إتباع الظن فقال سبحانه: )ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم إنَّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ كل أولئك كان عنه مسؤلاً ( [ الإسراء – 36 ]  وذمَّ المقلدين في قوله تعالى: )إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب( [ البقرة – 166] وفي قوله تعالى: )إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم ...الآية( [الزخرف – 23], فبهذه الأدلة قطعنا على أن المسائل العلمية الأصولية لا يجوز الأخذ فيها إلا بالدليل القاطع وخصصنا مسائل الفروع بأدلة مخصصة للأدلة المذكورة , والله الموفق وصلى الله على محمد وآله .

بِمَ تنعقد إمامة الإمام؟

قال السائل أرشده الله: السؤال الرابع  بِمَ تنعقد إمامة الإمام ؟

والسؤال الخامس : إذا كانت الإمامة تنعقد بالقيام والدعوة فما هو الدليل على ذلك ؟ وهل هذا الدليل قطعي أم ظني ؟ ثم قال السائل :ولْيكنِ السؤال

هكذا : ما الدليل القطعي على ما تنعقد به الإمامة ؟

الجواب والله الموفق: أقول جمعت جواب هذين السؤالين لأنهما عبارة عن سؤال واحد فأقول: اعلم أن الطريق إلى انعقاد إمامة الإمام هي واحدة من أربع طرق لا غير :

48 / 270
ع
En
A+
A-