أقول: أن هذا السؤال قد أورده بمعنى ما هنا الإمام المهدي (عليه السلام) في الغايات ونقله الإمام عز الدين (عليه السلام) في المعراج وذكر معناه بعض المتأخرين من أئمتنا عليهم السلام ونحن نجيب عن هذه الشبهة بأن نقول :

أن المنصب أمر اعتبره الشارع وبين موضعه فلا مجال ولا مساغ  للتساؤلات )لا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون( [ الأنبياء – 23] , )وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ( [الأحزاب– 36] .

قال السائل: هل يصح قيام إمامين في زمن واحد أم لا ؟ فإن قلتم أنه يصح فلماذا قال المرتضى في مقدمة البحر صـ93ـ : أكثر الزيدية لا يصح إمامان في زمان ؟ وإن قلتم أنه لا يصح فهو يقول أيضاً : ويجوز في وقت واحد أن يوجد جماعة يصلحون للإمامة.

الجواب والله الموفق: أنَّ مذهب جمهور الزيدية والمعتزلة أنه لا يجوز قيام إمامين في وقت واحد وأجاز ذلك عباد بن سليمان ومحمد بن سليمان الكوفي وحكى ذلك صاحب الإبانة عن بعض السادة والعلماء وذهب الناصر وهو أحد قولي المؤيد بالله (عليه السلام) والجاحظ إلى جواز ذلك مع تباعد الديار وقطع سلاطين الجور بينهما حجة الأولين إجماع الصحابة فإن عمر لما قال سيفان في غمد لا يجتمعان أو لا يصلحان أجمع الصحابة على ذلك ولان جواز ذلك يؤدي إلى الاختلاف والفتن والحروب وهذا يعود على الغرض من الإمامة بالإبطال  واحتج الآخرون بالقياس على النبوة وأجاب الأولون بوجود الفارق بين النبوة والإمامة لان الأنبياء يتبعون الوحي وفي حق الأئمة قد انقطع فافترقت الحال ولا قياس مع وجود الفارق وهذا على سبيل الإشارة إلى الأدلة .

أما كلام المهدي (عليه السلام) فلا تدافع فيه لأنَّ الكلام الذي حكاه السائل أولاً هو في عدم جواز قيام إمامين وهو صحيح على قول جمهور الزيدية والكلام المحكي ثانياً هو في جواز وجود أكثر من صالح للقيام ولا شك أنه كلام صحيح فقد وجد والوجود فرع الصحه فقد تعاصر القاسم بن إبراهيم وأحمد بن عيسى بن زيد وعبدالله بن موسى عليهم السلام وغيرهم من فضلاء أهل البيت وكل واحد صالح للإمامة لإجتماع الشروط فيه وقد اجتمع الثلاثة في بيت وليهم محمد منصور فبايع الأخيران القاسم عليهم السلام والقصة مشهورة فلم يتدافع كلام الإمام المهدي (عليه السلام) فعلى السائل أن يتأمل .

هذا ونسأل الله اللطف والهداية والتوفيق , وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

: ((الأئمة من قريش ))

قال السائل: ما رأيكم في حديث: ((الأئمة من قريش )) هل هو غير صحيح ؟ فإن كان كذلك فلما احتج به الإمام المرتضى (عليه السلام) في مقدمة البحر صـ93ـ واحتجَّ به الإمام زيد    (عليه السلام) في كتاب تثبيت الإمامة صـ230ـ .

وإن قلتم صحيح فلماذا ضعفه جماعة من أهل البيت عليهم السلام منهم العلامة محمد المطهر قال : انه مختلق لا أصل له والإمام عزالدين بن الحسن (عليه السلام) والإمام القاسم بن محمد (عليه السلام) قال: هذا حديث غير صحيح والعلامة أحمد بن لقمان قال هذا الخبر غير صحيح بل هو كذب وافتراء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعلامة القاسمي قال هذا مختلق ولا أصل له ومنهم العلامة الحوثي محمد بن القاسم وآخرهم العلامة المجتهد بدر الدين الحوثي في كتابه كشف التغرير قال إنه وجد لتثبيت ملك بني أمية وعلل ذلك بقول عمر وعدم إنكار الصحابة عليه صـ35 , 36ـ ؟

الجواب والله الموفق: إنا نقول إن صح الخبر المذكور فهو آحادي لا تقوم به حجة في مسألة الإمامة لأنها قطعية لا يؤخذ فيها إلا بما هو معلوم مقطوع به على أنه مجمل يبينه قول الوصي (عليه السلام) : (( في هذا البطن من هاشم )) كما ذكره شيخنا الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي أسعده الله في الدارين وبه يرتفع الإشكال , وإن كان غير صحيح كما قاله من ذكره السائل كفينا المؤنة أما فنقلة السائل فليس تحتها طائل لان التصحيح ممن صححه يرجع إلى ما حصل لهم من الظن بصحة سنده وعدم الطعن في رجال إسناده وسلامة متنه من الشذوذ والعلة وهم مكلفون باجتهادهم ولا يلزمهم اجتهاد غيرهم وتصحيحهم له لا يعني أنهم لا يرون الحصر والقصر في البطنين لعدم نصهم على ذلك ولكونه مجمل بينه ما ذكره شيخنا أسعده الله كما تقدم وأما من ضعفه فقد بينوا وجه ذلك كما ذكره الإمام القاسم بن محمد (عليه السلام) في الأساس من قول عمر بمحضر الصحابة (( لو كان سالم ..... الخ )) ولم ينكره عليه أحد ويقوي ذلك ويعضده ما حكاه العلامة علي بن الحسين الزيدي صاحب المحيط بالإمامة بعد ذكره لهذا الحديث بقوله : إن هذا خبر واحد لا يصح التعلق به في الاعتقادات , مع ما بلغنا عن جماعة من أئمة الحديث أن هذا الخير موضوع على أن السائل رعاه الله وأرشده قد أكثر في سؤالاته هذه من القعقعة وهي منافية لطريقة الأدب , والله المستعان , فطرق الحق لائحة وأعلامه واضحة .

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم .

43 / 270
ع
En
A+
A-