فأقول: اعلم أنّ الزيدية هم أتباع الإمام الشهيد والوالي السعيد عقيد الفرقة الزيدية، ورباني الأمة المحمدية وارث علوم آبائه الأكرمين، وفاتح باب الجهاد لتشييد قواعد الدين، ومبلغ حجج الله تعالى إلى الناس أجمعين، أمير المؤمنين زيد بن علي بن زين العابدين بن الحسين شهيد كربلاء وسبط رسول الله صلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وسَلَم وأحد ريحانتيه من الدنيا ابن أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليهم مولده مولده t: روى الإمام المرشد بالله (عليه السلام) بإسناده إلى الحسين بن زيد بن علي (عليه السلام) في سنة خمس وسبعين، واستشهاده سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقد ترجم له جمٌ غفير من علماء الزيدية وعلماء الأمة المحمدية، وهو رضاً عند الجميع، ترجمه أبو العباس الحسني في مصابيحه والديلمي في مشكاته، والمقريزي في خططه المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار، وذكره السيد العلامة صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير في بسامته فقال:
وفي هشام وفي
زيد أتت جللاً |
ومَنْ كزيدٍ
وزيدٌ خيرةُ الخير
لسب آل رسول الله والنذر
ولم يكن في مقام الخصم
بالحصر
وكان مخرجه لله في صفر
عنه العراق إلى أعدائه الفُجِر
سهم من
القوم أهل البغي والأشر
صلب له فوق جذع غير مستتر
قتل
وصلب مع التحريق بالشرر
وترجمهُ شراح البسامة كالعلامة محمد بن علي بن فند المعروف بالزحيف، والسيد العلامة أحمد بن محمد الشرفي وغيرهما.
قال نشوان بن سعيد الحميري في شرح رسالة الحور العين: وروى السيد الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني في كتاب الدعامة أن جميع فرق الأمة اجتمعت على إمامة زيد بن علي إلا هذه الفرقة (يعني الرافضة).
قال: فلما شهر فضله وتقدمه وبراعته وعرف كماله الذي تقدم به أهل عصره اجتمع طوائف الناس على اختلاف آرائهم على مبايعته فلم يكن الزيدي أحرص عليها من المعتزلي، ولا المعتزلي أسرع إليها من المرجئي، ولا المرجئي من الخارجي، فكانت بيعته (عليه السلام) مشتملة على فرق الأمة مع اختلافها، ولم يشذ عن بيعته إلا هذه الفرقة القليلة التوفيق.
قال: ومن الواضح الذي لا إشكال فيه أنّ زيد بن علي يذكر مع المتكلمين إن ذكروا، ويذكر مع الزهاد، ويذكر مع الشجعان وأهل المعرفة والضبط والسياسة.
وروى الإمام محمد بن المطهر (عليه السلام) في كتابه المنهاج الجلي، ورواه الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني (عليه السلام) في الأمالي من طريق كليب الحارثي: أن زيد بن علي دخل على هشام بن عبد الملك وقد جمع هشام الشاميين ثم قال له زيد بن علي: إنه ليس أحد من عباد الله فوق أن يوصى بتقوى الله وليس أحد من عباد الله دون أن يوصِي بتقوى الله وأنا أوصيك بتقوى الله، فقال له هشام: أنت زيد المؤمل للخلافة الراجي لها، وما أنت والخلافة وأنت ابن أمة، فقال له زيد (عليه السلام) : إني لا أعلم أحداً أعظم منزلة عند الله من الأنبياء صلوات الله عليهم، وقد بعث الله نبياً هو ابن أمة فلو كان ذلك تقصيراً عن حتم الغاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم والنبوة أعظم منزلة عند الله من الخلافة، وكانت أم إسماعيل مع أم إسحاق كأمي مع أمك، ثم لم يمنع ذلك أن جعله الله أباً للعرب وأبا خير النبيين محمد صلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وسَلَم، وما تقصيرك برجل جده رسول الله صلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وسَلَم، وأبوه علي بن أبي طالب، فوثب هشام من مجلسه وتفرق الشاميون ودعا قهرمانه فقال: لا يبيتن هذا في عسكري، فخرج أبو الحسين زيد بن علي وهو يقول: لم يكره قوم حرّ السيوف إلا ذلوا، ورواه أبو العباس الحسني في مصابيحه وزاد أن هشاماً قال لأهل بيته بعد ما خرج زيد من عنده: أتزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا، لا لعمري ما انقرض قوم هذا خلفهم، وهي هكذا في أمالي أبي طالب أخذ معنى قوله (عليه السلام) : لم يكره قوم حرّ السيوف إلا ذلوا ولده يحيى بن زيد (عليه السلام) فقال: