قال في (الروض النضير) قال ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن عبد الله قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يوعك فمسسته، فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً، قال صلى الله عليه وآله وسلم: أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم، قلت: أجرين، قال: نعم والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يمسه أذى فما سواه؛ إلا حط الله عنه خطيئاته كما يحط الشجر ورقها)).وأخرج مسلم بمعناه في صحيحه.
وفي مجموع الزوائد عن أسد بن كرز أنه سمع النبي يقول: (( أن المريض تحار خطاياه كما يتحار ورق الشجر)) وعن عبد الله بن عمر من سطع رأسه في سبيل الله فاحتسب، غفر له ما قبل ذلك من ذنب.
وفي أمالي المرشد بالله بإسناده إلى أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عم جده عن علي عليه السلام قال: إن المرض لا أجر فيه، ولكنه لا يدع على العبد ذنباً، وإنما الأجر في القول باللسان، والعمل بالجوارح، وإن الله عز وجل يدخل بفضله وكرمه بطيب السر، والسرسرة الجنة.
وأخرج المرشد بالله عليه السلام عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما من مسلم يصيبه نصب أو وصب حتى الشوكة يشأكها إلا كتب الله له حسنة وحط عنه سيئة)).
وفي أمالي أبي طالب بإسناده عن علي الرضى بن موسى الكاظم عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يقول الله عز وجل أيما عبد من عبادي ابتليته ببلاء على فراشه فلم يشكوا إلى عواده إلا أبدلته لحماً خير من لحمه ودماً خير من دمه، فإن قبضته فإلى رحمتي، وإن عافيته عافيته، وليس له ذنب، قالوا: يا رسول الله كيف ينبت له لحم خير من لحمه، قال: لحم لم يذنب من قبل)) وفيه بإسناده إلى إسماعيل بن موسى عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أربعة يستانفون العمل المريض إذا بري، والمشرك إذا أسلم، والمنصرف من الجمعة إيماناً واحتساباً)) وفيها بإسناده إلى أبي خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((إذا أراد الله أن يصافي عبداً صب عليه البلاء صباً، وثج عليه البلاء ثجاً؛ فإذا دعا، قالت الملائكة: هذا صوت معروف، وقال جبريل عليه السلام: يا رب هذا عبدك فلان دعاك فاستجب له، فيقول الله عزوجل: إني أحب أن أسمع صوته؛ فإذا قال: يا رب، قلت: لبيك عبدي لا تدعوني بشيء إلا أستجبت لك على إحدى ثلاث خصال إما أن أعجل لك ما سألتني، وإما أن أدخر لك في الآخرة ما هو أفضل منه، وإما أن أرفع عنك من البلاء مثل ذلك))، ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يؤتى بالمجاهد فيجلس للحساب، ويؤتى بالمتصدق فيجلس للحساب، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب له ميزان، ولا ينشر لهم ديوان، ثم يساقون إلى الجنة بغير حساب، حتى يتمنى أهل العافية أن أجسادهم قرضت بالمقاريض في الدنيا)).
وفي (نهج البلاغة) قال عليه السلام: جعل الله ما كان من شكوى حطاً لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه، ولكنه يحط السيئات، ويحتها حت الأوراق، إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية، والآثار العلوية، أجل أيها المطلع على هذه الأحاديث أليست صريحة بأن الأمراض تظهر من جميع الآثام، وتقضي على جميع السيئات، وتجعلها في حكم العدم المحض، فما هو الموجب لاطراحها وتعطيل معانيها، وهل هنالك مانع من أن يجعلها مخصصة للعمومات القرآنية، كما جعلت التوبة مخصصة، قد يقول القائل إن عمومات القرآن في الأصول قطعية، وهذه الآثار ظنية، فلا تنهض على التخصيص.
قلنا: إذا سلمنا هذه القاعدة فهذه الآثار لم تكن ظنية؛ لأنها متواترة معنا مع أنها مؤيدة بكتاب الله وهو قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، فلم يبق هنالك مانع ولا عذر موجب لهجر الأدلة، وكسرها، وتأويلها، والله أعلم.
أخرج الإمام زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من غسل أخاً له مسلماً فنظفه، ولم يقذره،ولم ينظر إلى عورته، ولم يذكر منه سوء، ثم شيعه وصلى عليه، وقعد حتى يدلى في قبره خرج من ذنوبه عطلاً))، وهو في أمالي الإمام أحمد بن عيسى؛ إلا أنه بلفظ: ((أيما امرءٍ مسلم ...)) إلى آخره.
وفي (الأحكام) بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أيما امرء مسلم ...)) إلى آخره، وقد أخرج هذا الحديث ابن ماجة عن أبي خالد الواسطي عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي عليه السلام بلفظ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من غسل ميتاً وكفنه، وحنطه وحمله، وصلى عليه، ولم يفشي عليه شيء ما رأى خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه)).
وفي سنن البيهقي عن عائشة: ((من ولي غسل ميت فأدا فيه الأمانة-يعني يستر ما يكون عند ذلك- خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).