صبت عليًّ مصائب لو أنها

 

صُبت على الأيام عدن لياليا

 قلت: فلم تر بعد اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر باكياً ولا باكية من ذلك اليوم، وارتجت المدينة، وصاح الناس، وارتفعت الأصوات من دور بني عبد المطلب، وبعض دور المهاجرين والأنصار، وجاء العباس بن عبد المطلب فأخذ بيدها، وردها إلى منزلها، وقال لعلي: ابسط يدك أبايعك، وجاء أبو سفيان بن حرب فقال: يابن أخي ابسط يدك أبايعك، فإن أبو ملأتها خيلاً ورجلاً، فأثنا عليهما أمير المؤمنين خيراً وقال لهما: يرحمكما الله، وأين تبلغان مما أريد، ومرضت فاطمة عليها السلام، فأوصت بأن تدفن ليلاً، ولا يعلم بموتها من ظلمها إرثها، وتوفيت صلوات الله عليها فدفنها أمير المؤمنين صلى الله عليه وعليها مع نفر من أهل بيته ليلاً، وغيب قبرها صلوات الله عليها ورحمته وبركاته، وسنذكر ما رواه عبد الله بن الحسن في الصحيفة التي كتبها أبو بكر لفاطمة عليها السلام، وتمزيق عمر لها إن شاء الله تعالى.

تفسيرها: قال أبو غسان رحمه الله: لاتت خمارها أدارت، يقال: لت العمامة إذا أدرتها على رسك، لمة جماعة من الناس على زنة فيه وكره، يقال ولم القوم إذا اجتمعوا، ومنه اشتقاق الوليمة، ما تخرم مشية رسول الله صلى الله عليه وآله أي ما تنقص منها شيئاً، فأصل الخرم قطع طرف من الشيء، والمعنى أنها حكت مشية رسول الله صلى الله عليه وآله على وجهها، وتمامها في حشد من المهاجرين، في جفل وجمع، نيطت علقت، تقول: قد نيط بسمعي كلامك أجهش الإنسان للبكاء، إذا تهيأ له، وجاشت نفسه لذلك، فورتهم هيجانهم جياشة من حشت الشيء إذا جرته إلى حيث يتمكن منه، فكل شيء أحطت به فقد.............زيادة منها أنتباه وتبناه، ويجوز ترك الهمزة فيه على لغة قريش.

وقد روي أن بعض العرب قال: يانبي الله فهمز، فقال صلى الله عليه وآله: ((لست بنيء الله، ولكني نبي الله)) ولم يهمز، والغم جمع غمة، يقال للمحنة المطبقة المظلمة غمة، ويقال: صار أمره عليه غمة، إذا لم يهتد لوجه الحيلة فيه، والبهمة والبهم قرينة الغمة، وهي ظلمة شديدة تطبق على القلب، ويقال للأمر الشديد إذا لم يهتد لوجه الخلاص منه بهمة، العبء الثقل، والأعباء الأثقال، تظاما لملحمتكم لاجتماعكم، والملحمة في غير هذا اجتماع القوم للحرب، تعزوه تنسبوه، حائداً عن سنتهم ما بلا عن طريقهم ضارباً لثجهم، ثج الشيء معظمه، وربما قيل للظهر ثج، آخذاً بأكظامهم أي بمخرج أنفاسهم، يقال: أخذ بكظمه إذا خنقه وضيق عليه نفسه، بحد الهام، يقطع ويبكت الأصنام يقال: بكت الشيء إذا ألقيته على رأسه، أسفر الحق أضاء، نفر الليل عن صبحه يشقق، الشقشقة التي يدليها الفحل المعتلم إذا هاج، ويهدر فيها، فهتم وتفوهتم بمعنى واحد، تشربون الطرق بمعنى الماء الكدر المطروق الذي قد طرقته الشاربة، الخاشع من الخشوع وهو أشد الخضوع، اللتيا والتي الأمر العظيم، والهنت والهينة والمراد الحادثة والحويدثة كأنهما أمران عظيمان، أحدهما أعظم من الآخر، ابنى بهم الرجال، أي ابتلى والبهمة الفارس البطل الشجاع الباسل[98] الذي لا يهتدى لوجه التمكن منه، ويقال: هو الذي يعد بمائتي فارس، وذوبان العرب، يقال ذيب وذوبان وذياب، وحشو ناراً للحرب، من حششت النار أحشها حشاً إذا أوقدتها، وأصل الحش أن يدمع الوقود من الأطراف إلى الوسط، ومتفرق النار إلى المعظم يشتد توقدها، وكل مجموع بمحشوش لحم قرن طلع، فغر فتح، والأسد فاغرة أفواهها يقال: فغر فاه أي فتحه فعرفوه انفتح، الانكفاء الانقلاب، انكفى الإنسان انصرف وانقلب، الأخمص باطن القدم، ووجدت في النسخة التي نسخت منها هذه النسخة قريباًمن هذا الموضع في الحاشية، وهي الأخمص خص باطن القدم ثراه متجافياً عن الأرض ولا ينالها عند المشي، قال حسان بن ثابت:

مع كل مسترخ الأزار كأنه

 

 

إذا ما مشى من أخمص الرجل ضالع

99 / 292
ع
En
A+
A-