وحكى عن أناس من العثمانية هم شكوا فيه، وكذلك الكرابيس، وما يروى أنه رده فإن علماء المخالفين فضلاً عن الموافقين لم يعتدوا بذلك، وقالوا: قد انتشر قبل حدوث هذا الخلاف، ولا شك أن ذلك صح عن الكرابيسي فقد سبقه الإجماع. فأما الجاحظ فلم يرده، وإنما ذكر ذلك من لا يعتمد، وهذا الجنس مما لا يؤثر فيما هو ظاهر مشهور، مثل ما حكى عن بعضهم أن حرب الجمل وصفين لا أصل لهما، فإن هذه الأقوال لا يعتمد عليها ولا يلتفت إليها والكلام في هذا الخبر في موضعين:

أحدهما: في بيان وجه دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.

والثاني: في بيان الإعتراضات الواردة على ذلك، والجواب عنها.

أما الموضع الأول: وهو في بيان وجه دلالته على إمامة أمير المؤمنين، فوجه الإستدلال بهذا الخبر[7] على إمامته عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أثبت لعلي عليه السلام جميع منازل هارون من موسى عليهما السلام إلا النبوة.

ومن منازل هارون من موسى استحقاق الخلافة والشركة في الأمر، وذلك لا يفيد معنى الإمامة فيجب أن يكون إماماً بذلك.

وهذه الدلالة مبنية على ثلاثة أصول:

أحدهما: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أثبت له جميع منازل هارون من موسى عليهما السلام إلا النبوة.

والثاني: أن منازله منه استحقاق الخلافة والشركة في الأمر.

والثالث: أن ذلك يفيد معنى الإمامة.

أما الأصل الأول: وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم أثبت له جميع منازل هارون من موسى إلا النبوة، فالذي يدل على ذلك أنه لما استثنى النبوة دل ذلك على أنه لو لم يستثتها لدخلت تحت الخطاب؛ لأن من حق الاستثناء الحقيقي أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته. وسائر المنازل في صحة الإستثناء كالنبوة.

8 / 292
ع
En
A+
A-