وروي عن الجاحظ أنه قال: لما منعوه؛ لأنهم قالوا لو اجتمعت النبوة والإمامة في بيت واحد لادعوا الربوبية، وهذا صريح الحسد كما قال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} لأن الحكمة من الحكيم ليست من القوم، وقد تقدم حديث المغيرة بن شعبة وما دعا إليه أبو بكر وعمر، مخافة أن تكون هرقلية وقيصرية كما قالوا، ومثل ذلك أيضاً قول عمر لابن عباس في الحديث الذي قدمناه في صدر الكتاب حيث قال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة، فتحججوا على قومكم تحججاً، فاختارت قريش لنفسها فأصابت ووفقت، فكان من جواب ابن عباس له: أما قولك إن قريشاً اختارت لنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشاً اختارت لنفسها حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود، ولا محسود.

وأما قولك: أنهم كرهوا أن تكون لنا النبوة والخلافة، فإن الله عز وجل وصف قوماً بالكراهية فقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} يؤيد ذلك ما رويناه عن ابن المغازلي في مناقبه رفعه إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام في قوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} قال: والله نحن الناس، ولله القائل:

وفي تعب من يحسد الشمس ضوؤها

 

 

ويجهد أن يأتي لها بضريب

 ومثله قول الآخر:

محاسن من مجد متى تقربوا بها

 

محاسن أقوام تكن كالمعايب

61 / 292
ع
En
A+
A-