وأما شرب الخضر، فمن ورد شربي وشرب من تبعني لم يمت حتى يشربه بحبه ويتبعه لعلمه. يعني لم يمت عن معرفة الله قلبه.
وأما قولي: أنا عصا موسى، فموسى أكثر الأنبياء آيات، وأعظم آياته العصا ومحمد صلى الله عليه وآله أكثر من موسى آيات؛ لأن موسى صلى الله عليه وآله وسلم بعث بتسع آيات، وبعث محمد صلى الله عليه وآله بثمانمائة آية، ومن أعظم آياته السيف والسيف بيدي.
وأما قولي: أنا مقام هارون، فإن موسى عليه السلام قال لهارون اخلفني في قومي، وقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: ((اخلفني في أهلي)) وأهل محمد صلى الله عليه وآله خير من قوم موسى.
وأما قولي: أنا عديل يوشع بن نون، فيوشع وصي موسى عليه السلام، وأنا وصي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله، وأوقفت الشمس ليوشع حتى صلى العصر، وردت إلى ميقاتها بعد أن كادت تغرب، فأوقفت لي الشمس في السماء لوقتها الأول من مواقيت العصر حتى صليت فرائضي ثم غربت بين سلامي وقيامي، كالنبلة تخرج من الرمية، وكان رجوعها عجب وغروبها عجب.
وأما قولي: أنا درع داود، فدرع داود من الحديد لما الانه الله تعالى له، وأنا مجن محمد صلى الله عليه وآله في الهيئات، ودرعه الحصينة من النكرات، ورددت عنه هوازن في وادي حنين، وقد نكست الناس، وأنا أمامه مرة أصد ومرة أرد، وتارة أكر، وهوازن يومئذ في أربعة وعشرين ألف عنان، فما وصلوا إليه بضربة ولا طعنه فأي درع أحصن مني.
وأما قولي: أنا خاتم سليمان، فإني حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة حضور الجن وبيعتهم، وشهدت على مقالتهم، فسليمان أجابته الجن لنقش خاتمه، وأجابني الجن بالقرآن العظيم، علمني رسول الله صلى الله عليه وآله الكلمات التي كانت على خاتم سليمان عليه السلام، ولم يعلمها أحد غيري، ولا تصير إلى أحد بعدي.
وأما قولي: أنا طهر أيوب: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي: ((يا علي إن الله طهر باطنك وظاهرك من الأدواء، كما طهر أيوب من البلاء)).
وأما قولي: أنا كفالة زكريا، فإن زكريا كفل لبعلبك ملك الشام، ألا يتخط في ملكه أحد من بني إسرائيل إلى محذور، فرضي بذلك منه ليتخذ بذلك عليه حجة فيقتله، فكانوا سفهاء قومه من بني إسرائيل إذا خرجوا تحت الليل يريدون شراً حيرهم الله عز وجل فيصيحون حيث خرجوا لئلا يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا، وإن نصارى نجران أتو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقاطعته طائفة منهم فسألوه أن يؤمنهم، وطلبوا عهداً لقومهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: ((أنا لا أومنكم ولا أقبل عهدكم إلا بكفيل يكون من أهل السنا والفضل، يكون لكم كفيلاً أن لا تفسدوا[46] في الأرض بعد إصلاحها، فمشوا إلى الناس جميعاً فأبى الناس أن يعرضوا لكفالتهم، فدلهم أكثر الناس إلي فأتوني ولا يد لهم عندي ولا سبب بيني وبينهم، فسألوني ذلك فلزمني الحيا إلى إجابتهم إلى الذي طلبوه من غيري فلم يجدوه؛ لأنهم كانوا أهل غدر ومكر، فلما غدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال لهم: ((هل وجدتم لكم كفيلاً))؟
قالوا: نعم.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((وليكم من أهل الأمانة والفضل، وإلا فلا عهد لكم عندي ولا أمان)).