ثم ابرزوا لي في الوغاء وادبروا
منا النبي الطاهر المطهر
وفاطم عرسي وفيها مفخر
مذبذب مطرد مؤخر
فقال معاوية: إنه ليدعوني إلى البراز لقد استحييت من قريش، فقال له أخوه عتبة: أله عن كلامه، فإنك لتعلم أنه قتل حريثاً، وفضح عمرو، ولا تقدم إليه عمرو إلا وقد يئس من نفسه، ولو برزت إليه لا شممت رائحة الحياة أبداً، وأهل الشام كلهم ينهون عن مبارزة علي، وضحك يوماً معاوية فقال له عمرو: مم تضحك[27]؟ قال: يضحكني دفعك علياً عن نفسك بالإستاة، ولقد كان كريماً لا ينظر إلى عورات الرجال، فقال له عمرو: هلا ضحكت إذ دعاك إلى البراز فأحولت عيناك، ومال شدقاك، وارتعدت فرائصك، وبدا من أسفلك شيئ أكره ذكره.
وخرج المخارق بن عبد الرحمن وقتل أربعة من أصحاب أمير المؤمنين، وكشف عوراتهم واحتز رؤسهم، فخرج علي متنكراً وقتل من أصحاب معاوية ثمانية نفر، واحتز رؤسهم، ولم يكشف العورة، فقال معاوية لغلام له بطل يسمى حرب، اكفني هذا الرجل، فقال: إني أرى رجلاً لو برز إليه جميع عسكرك لأفناهم ولم يخرج، فجال علي ساعة ثم رفع المغفر وقال: أنا أبو الحسن فقال حرب لمعاوية: ألم أقل لك، وخرج كميت الشامي وقتل أربعة من أصحاب علي وكان من شجعان الشام، فخرج إليه علي فقتله، وقتل أربعة من فرسان الشام ثم صاح يا معاوية: هلم إليَّ، فقال معاوية: لا حاجة لي في مبارزتك، قتلت أربعة من سباع الأرض، وخرج إلي عروة بن داود الدمشقي وكان فارساً فقتله، وخرج علي عليه السلام ومعه وجوه أصحابه وهو يقول:
|
دبو دبيب النمل ولا تفوتوا |
واصبحوا في حربكم وبيتوا
أولا فإني طال ما عصيت
واعدد لنا كليلة الهرير
أهلك فيها غير ما نكير
لذلك الأمير والأمير
ست مئين عدد التكبير
قال السيد أبو العباس رضى الله عنه بإسناده عن الحارث بن أدهم أن الناس بصفين زحف بعضهم إلى بعض، فارتموا بالنبل حتى فنيت، ثم تطاعنوا بالرماح حتى تكسرت، ثم مشى بعضهم إلى بعض بالسيوف وعمد الحديد، فلم يسمع السامعون إلا وقع الحديد بعضه على بعض، لهو أشد هولاً في صدور الرجال من الصواعق.