إذ سألوا ذا العز والسلطان
مثل علي قاتل الأقران
في ذلك ما رويناه من كتاب المراتب، وهو ما رواه قوم من الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما عرج إلى السماء رأى على صورة علي عليه السلام في السماء حتى لم يغادر منه شيئاً فظنه علياً فقال: ((السلام عليك يا أبا الحسن، كيف سبقتني إلى هذا المكان))؟ فقال له جبريل: ليس هذا علي بن أبي طالب، هذا ملك على صورته، فإن الملائكة من كثرة ما سمعوا من فضل علي عليه السلام اشتاقوا إليه، فسألوا ربهم أن يكون لهم من هو على صورته فيرونه، والعقل لا يمنع من صحة هذا الخبر، فإنه يدل على الفضل والكمال، وأنه محبوب إلى الملائكة، معظم الشأن، ومقطوع على معينه، وليس هذا بأعظم مما قد أتى وما سيأتي من فضائله عليه السلام.
ولم يكن ولي الرسول أحدا |
عليه بل كان عليهم سيدا
والقوم أعلى فوق أيديهم يدا
أردنا بذلك ما ظهر عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه ما ولي أحد قط ولا قدمه على علي[16] عليه السلام، بل ما أنفذه في سرية، ولا أخرجه في غزاة، ولا جعله في قوم، ولا استنابه في أمر إلا وهو الأمير عليهم من رسول الله، الوالي عليهم بحكم الله، يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بطاعته ويحذرهم مخالفته، وكان صاحب لوائه في غزواته، حتى سأله جابر بن سمرة: يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال: ((ومن عسى أن يحملها إلا من حملها علي بن أبي طالب)) وقد تقدم ذلك، وكم عاشر رسول الله عليه وآله فلم ينقم عليه طول صحبته، ولا أنكر عليه شيئاً من قوله وفعله، بل أنكر على من أنكر عليه وشكاه إليه حيث يقول: ((ما لكم ولعلي علي مني وأنا منه)) بخلاف الثلاثة فإنه قدم عليهم غيرهم من أصحابه، وإذا كان الأمر كما ترى لم يكن عليه لأحد ولاية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا لم يول عليه أحداً فكيف يولي عليه غيره غير رسول الله صلى الله عليه وآله، يؤكد ذلك قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
فكيف تثبت ولايتهم عليه من قبل أنفسهم ولم يرد لهم حكم من الله ولا من رسوله، بل حكم الله تعالى ورسوله عليه السلام له بالولاية على القوم وعلى غيرهم من الأمة.
وهو الذي دانت له همدان |
في يومه وعمها الإيمان
من فضله ياأيها الإنسان