وسيدا شباب جنات العلي

قد قدمنا من ذكر فضل الحسن والحسين، وشرفهما عليهما أفضل الصلاة والسلام فيما قدمناه طرفاً منبهاً على غيره، ولو رمنا إحصاؤه لتعذر علينا في مثل هذا الموضع، فإن الكلام في فضل أهل البيت عليهم السلام يطول بيانه، ويتسع ميدانه، فإن المروي عن الفقيه العلامة زيد بن الحسن البيهقي رحمه الله تعالى أنه أقام بمدينة صعدة يقرأ في العلوم إلا يوم الخميس والجمعة، فإنه جعل القراءة فيهما في فضل أهل البيت عليهم السلام، فأقام بها كذلك سنة كاملة، فما علم أنه أعاد خبراً مما أتى به فيهم عليهم السلام، والحسن والحسين عليهما السلام هما ريحانتا رسول الله عليه عليه وآله، وهما اللذان يقول فيهما صلى الله عليه وآله: ((هما وديعتي في أمتي)) فاكرم بوديعة سيد الأولين والآخرين، من لدن آدم إلى انقطاع التكليف، وليس هذا لأحد غيرهما.

وروى بأسانيده إلى الأعمش قال: بعث إلي أبي جعفر المنصور فقلت للرسول: لما يريدني أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعلم، فقلت: أبلغه أني آتيه، ثم تفكرت في نفسي، فقلت: ما دعاني في هذا الوقت لخير، ولكن عسى أن يسألني عن فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فإن أخبرته قتلني، قال: فتطهرت ولبست أكفاني، وتحنطت ثم كتبت وصيتي، ثم صرت إليه فوجدت عنده عمرو بن عبيدة فحمدت الله تعالى على ذلك، وقلت: وجدت عنده عون صدق من أهل البصرة، فقال لي: ادن يا سليمان، فدنوت فلما قربت منه أقبلت على عمرو بن عبيد أسائله، فأراح مني ريح الحنوط، فقال: يا سليمان ما هذه الرائحة، والله لتصدقني وإلا قتلتك، فقلت: يا أمير المؤمنين أتاني رسولك في جوف الليل فقلت في نفسي ما بعث إليَّ أمير المؤمنين في هذه السعة إلا يسألني عن فضائل علي، فإن أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي ولبست كفني وتحنطت، فاستوى جالساً وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم قال: تدري يا سليمان ما اسمي؟

قلت: نعم يا أمير المؤمنين.

قال: ما اسمي؟

قلت: عبد الله الطويل بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب.

قال: صدقت، فاخبرني بالله ولقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كم رويت في عليَّ من فضيلة من جميع الفقهاء، وكم يكون؟

قلت: يسير يا أمير المؤمنين. قال: علي ذلك، قلت: عشرة آلاف حديث وما زاد.

قال: فقال يا سليمان لأحدثنك في فضائل علي عليه السلام حديثين ياكلان كل حديث رويته عن جميع الفقهاء، فإن حلفت ألا ترويهما لأحد من الشيعة حدثتك بهما.

101 / 292
ع
En
A+
A-