وروينا من صحيح مسلم في تفسيره قوله سبحانه وتعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ}[الدخان:29] الآية، وبالإسناد عن السدي قال: لما قتل الحسين بن علي عليه السلام بكت السماء، وبكاؤها حمرتها.

وروينا من تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ}[الدخان:29].

قال: وقال[52-ج] السدي: لما قتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما بكت عليه السماء وبكاؤها حمرتها، ومنه أيضاً بالإسناد عن محمد بن سيرين قال: أخبرونا أن الحمرة التي تكون مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين بن علي صلى الله عليه))([24]).

وروينا من كتاب: (السفينة) في آخر حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الا وإن جبريل أخبرني أن أمتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء ألا ولعنة الله على قاتله وخاذله أبد الدهر أبد الدهر))، ثم نزل يعني من المنبر ولم يبق أحد إلا وتيقن أن الحسين مقتول؛ فلما كان أيام عمر، أسلم كعب الأحبار، وقدم المدينة، وجعل الناس يسألونه عن الملاحم، وهو يحدثهم قال كعب: نعم وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبداً، وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب، وذكر في كتابكم.

 فقال: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}[الروم:41] الآيات، وإنما فتح بقتل هابيل، وختم بقتل الحسين بن علي.

قال كعب: ولعلكم تهونون قتل الحسين أولا تعلمون أنه يفتح يوم قتله أبواب السماوات كلها، ويؤذن للسماء بالبكاء فتبكي دماً فإذا رأيتم الحمرة قد ارتفعت من جنباتها شرقياً وغربياً فاعلموا أنها تبكي حسيناً، والذي نفس كعب بيده، لتبكين زمرة من الملائكة في السماوات لا يقطعون بكاؤهم آخر الدهر، وإن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع بعد بيت مكة والمدينة، وبيت المقدس ما من نبي إلا وقد كان زارها، وبكى عليها، ولها في كل يوم زيارة من الملائكة ؛ فإذا كانت ليلة الجمعة أو يوم الجمعة نزل إليها ألف ملك يبكونه ويذكرون فضله ومنزله عندهم، وأنه يسمى في التوراة حسين المذبوح، وفي الأرضين أبا عبد الله المقتول، وفي البحار الفرخ الأزهر المظلوم.

وروينا عن علي عليه السلام عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم -أنه قال: ((تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدمٍ فتعلق بقائمة من قوائم العرش وتقول: يا عدل يا جبار أُحكم بيني وبين قاتل ولدي قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: فيحكم لابنتي فاطمة([25]) ورب الكعبة)).

ولنقتصر على هذا القدر من فضائلهما عليهما السلام فإن إحصاؤها في مثل هذا الموضع يتعذر فهل تعلم للقوم أيها المسترشد أو لأحد من أولادهم كهذا الحظوظ هيهات هيهات ما أبعد المدى وأوضح سبيل الهدى.

فأما الكلام في إمامتهما عليهما السلام، وكون الإمامة محصورة في بنيهما الكرام فسيأتي بيان ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى [32 ب - أ].

ثم أخوه جعفر الطيار
وعمه المرابط الصبار

92 / 398
ع
En
A+
A-