فقال: حباً وكرامة، ومشى معهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل ووضع التمرات بين يديه، ووقف كالمريب مطرق مستحيي لا ينظر إلى الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: ما وراءك يا أبا الحسن ؟ فأطرق رأسه وقال: غلبني الحياء، جئت أخطب فاطمة؛فأطرق الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يكلمه، وإذا بجبريل عليه السلام قد نزل، وقال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: إن العلي الأعلى يقرئك السلام، ويعرفك أنه أمر راحيل أن يخطب، وهو أفصح ملك في السماء، وجعلني قابلاً للنكاح عن علي، وكان الله تعالى وليها، وأحضر حملة العرش للشهادة، وأمر رضوان أن ينثر من شجرة طوبى زمرداً، ولؤلؤا، وزبرجداً، وتنثر الحور العين، وأمرك أن تزوجها منه؛ فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأسه إلى علي. فقال: ((ما الذي معك ؟ قال: درعي.
قال: كم يساوي.
قال: طلب مني بأربعمائة درهم، فدعا الناس، وزوجها منه على ذلك، وأمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - بإحضار طبق من تمر وقال: ((انتهبوا النثار((، ثم أمر علياً ببيع الدرع، ويشتري لها قميصاً، وسراويل، ومقنعة، ووقاية، وعبا، وفروة، ومخدتين، ويصرف الثاني إلى عطر، فمر علي في ذلك، وأمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -بغسل رأسها، وألبسها ما حمل علي، وأطعم الهاشميات، والأقارب، ثم قال لهم: انصرفوا إلى أسماء بنت عميس (امرأة جعفر الطيار)، وكانت هي التي ربت فاطمة فوقفت([17])، فقال لها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: لم لَمْ تلحقي بأهلك.
قالت: يا رسول الله إن النساء لا بد لهن من امرأة في مثل هذه الليلة يكشفن إليهن أسرارهن وأنا ربيتها، فلا يطيب لي تركها وحدها، فدعا لها ثم خلط الطيب، ودعا فاطمة، وطيب فرقها، وعنقها وبين ثديها.
وقال: على بركة الله تعالى ؛ فلما دخل البيت دعا بعلي واستعمل باقي الطيب فيه، ووضع يده على ظهره، وقال: على بركة الله، فدخل علي عليها، ولم ينظر إلى جانبها حتى صلى ركعتين وسجد لله وشكر على رزقه إياه مثلها.
وروينا من كتاب بن المغازلي ما رفعه إلى أنس أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يرد إليه جواباً، ثم عمر فلم يرد عليه جواباً، ثم جمعهم فزوجها علي بن أبي طالب؛ وقيل: أقبل على أبي بكر، وعمر فقال: إن الله عز وجل أمرني أن أزوجها من علي، ولم يأذن لي في إفشائه إلا هذا الوقت، ولم أكن لأفشي ما أمر الله عز وجل به.
وروينا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم –[47-ج] في حديث آخر أنه قال لما زوج الله تبارك وتعالى فاطمة من علي عليه السلام: أمر الملائكة المقربين أن يحدقوا بالعرش، وفيهم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل؛ فأحدقوا بالعرش، وأمر الحور العين أن تتزين، وأمر الجنات أن تزخرف، وكان الخاطب الله تبارك وتعالى، والشهود الملائكة، ثم أمر الله شجرة طوبى أن تنثر عليهم فنثرت اللؤلؤ الرطب، مع الدر الأخضر، مع الياقوت الأحمر، مع الدر الأبيض، فتبادرن الحور يلتقطن من الحلى والحلل، ويقلن هذا من نثار فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وروينا عنه: - صلى الله عليه وآله وسلم- في حديث آخر: ((أنه هبط إليه ملك يقال له محمود قال: هذا جبريل، وإسرافيل، وإسماعيل صاحب سماء الدنيا، وسبعون ألف ملك من الملائكة قد حضروا فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي قد زوجتك على ما زوجك الله تعالى.
وروينا بالإسناد الموثوق به إلى أنس بن مالك قال: [ ] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((كنت ذات يوم في المسجد أصلي، إذ هبط علي ملك له عشرون رأساً، فوثبت لأقبل رأسه فقال: مه يا محمد أنت أكرم على الله تعالى من أهل السماوات وأهل الأرض أجمعين، وقبل رأسي، ويدي.
فقلت: حبيبي جبريل ما هذه الصورة التي لم تهبط عليَّ بمثلها قط قال: ما أنا جبريل ولكن أنا ملك يقال لي محمود بين كتفي مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، بعثني الله أزوج النور بالنور. قلت: من النور.