ميلاً عن الولي والمُولى
من
مبغض الإسلام أرباب الإحن
بل
كان معروفاً بها أبو الحسن


وانتهبوا جهالة تراثه
وكم
دعاه الأمر واستغاثه

 

وأظهر الدهر له أحداثه
لولا
الخطوب لم يدع ميراثه

نحن نتكلم هاهنا فيما وعدنا به من الموضع الثاني، وهو في حكاية طرفٍ من أحوال أمير المؤمنين -عليه السلام- وأحوال أبي بكر، وعمر، وعثمان في ابتداء الأمر وانتهائه، ويدخل في ذلك بيان شئ من التنازع والتشاجر الواقع بين الصحابة لنبين طرفاً مما أجملناه في الأبيات المقدم ذكرها الآن اعلم أرشدك الله تعالى أنه لا خلاف في وقوع التنازع والتشاجر بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الإمامة فيما بلغَنا عن الصحابة والتابعين والناقلين عنهم إلى يومنا هذا، وسبب ذلك صَرْفُهم الأمرَ عن مكانه، وإخراجهم له عن معدنه فإن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان قد وجه بعث أسامة وحرضهم وحرض الناس على التقدم معه، وجعل أبا بكر، وعمر وأبا عبيده، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم من المهاجرين والأنصار تحت رايته، ولم يرخص لهم بالمقام في المدينة، وكان-عليه السلام -في حال مرضه يحرض الناس على ذلك أشد التحريض، ويضيق عليهم، ولم يرخص لأسامة في المُقام بالمدينة؛ لما هُمْ بانتظار أمر الرسول –صلى الله عليه وآله وسلم، وما يصير إليه من مرضه عند شدة المرض به؛ بل لم يدعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وفيهم أبو بكر، وعمر، وهو يقول انفذوا في جيش أسامة وفي بعض الأخبار انفذوا جيش أسامه لا يتخلف عن بعثه إلا عاصي لله ولرسوله فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ثقيل مغمى عليه، فدخل أسامة وعيناه تهملان، وعنده العباس، والناس حوله فتطأطا عليه أسامة والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يده إلى السماء ثم ينصبهما.

 قال أسامة: فعرفت أنه يدعو[6-ج] لي فرجعت إلى معسكري؛ فلما كان يوم الإثنين جاء أسامة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بركة الله فودعه أسامة وصاح أسامة بأصحابه، فأمرهم باللحوق بالمعسكر والرحيل، ومات رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم، واشتغل أمير المؤمنين وأهل بيته بجهازه، وفي خلال ذلك جاء عمر بن الخطاب يحث أبا بكر على التقدم معه إلى سقيفة بني ساعده، وعلى القيام بالأمر، وكان سبب ذلك مارويناه عن الإمام المنصور بالله –عليه السلام في: (الشافي) عن المغيرة بن شعبة أنه قال: أنا أول من صرف هذا الأمر عن أهل هذا البيت، وذلك أني أتيت يوم وفاة رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم، وأبو بكر لازم للباب.

فقلت: ما وقوفك هاهنا.

قال: أنتظر علي بن أبي طالب يخرج فنبايعه، فقد سمعنا فيه من الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم ما سمعنا.

فقلت: أنشُدك الله في الإسلام وأهله، والله لإن فعلتم ذلك لتكونن قيصرية وكسروية ولينتظرن بها الجنين في بطن المرأة، فلم يقبل قولي فذهبت إلى عمر فلقيته فقلت: الله الله في الإسلام أني لقيت أبا بكر فهو ينتظر علياً، وقال كذا، وقلت كذا، والله لئن فعلتم هذا لينتظرن بها الجنين في بطن المرأة، ولتكونن كسروية، وقيصرية.

قال: وخف معي عمر، وكان أبو بكر لا يكاد يخالفه فما زال ينقله على الذروة والغارب، حتى أخذ بيده وسار إلى سقيفة بني ساعدة، وكان ما علمه الناس تمت روايته عليه السلام، وروينا عن غير المنصور بالله عليه السلام من الأئمة -عليهم السلام- أن عمر لما أتى إلى أبي بكر قال له: ما دعاك إلى ما يقول المغيرة انظر يا أبا بكر لا تُطمِع في هذا الأمر بني هاشم فإنا إن فعلنا ذلك ذهبت الإمرة من قريش آخر أيام الدنيا؛ وفي بعض روياتهم -عليهم السلام -بإسناده عن: عروة بن المغيرة بن شعبة قال: سمعت أبي يقول: إن أول من أخرج هذا الأمر من آل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -أنا.

8 / 398
ع
En
A+
A-