وقوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران:68]، فنحن مرةً أولى بالقرابة وتارة أولى بالطاعة.
ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَلَجوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.
وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت، وعلى كلهم بغيت فإن يك ذلك كذلك فليس الجناية عليك، فيكون العذر إليك، وتلك شَكَاةٌ ظاهرٌ عنك عارها، وقلت إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المحشوش حتى أبايع ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكاً في دينه [29 - ج ] ولا مرتاباً بيقينه؛ وهذه حجتي إلى غيرك قصدها، ولكني أطلقت لك بقدر ما سنح من ذكرها، ثم ذكرت ما كان من أمري وأمر عثمان فلك أن تجاب عن هذه لرحمك منه فأينا كان أعدا له، وأهدى إلى مقاتله من بذل له نصرته فاستقعده واستكفه من استنصره فتراخى عنه، وبث المنون إليه حتى أتا القدر عليه، كلا والله لقد علم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا، وما كنت لأعتذر من أني كنت أنقم عليه أحداثاً، فإن كان الذنب إليه إرشادي له، وهداتي له فرب ملوم لا ذنب له، وقد يستفيد الظنة المستنصح، وما أردت إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
وذكرت أني ليس لي ولأصحابي عندك إلا السيف، فلقد أضحكت بعد استعبار متى ألفيث بنو عبد المطلب عن الأعداء ناكلين وبالسيوف محفوفين شعراً: لَبِّثْ قليل يلحق الهيجاء جمل.
فسيطلبك من تطلب، ويقرب منك ما تستبعد، وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار، والتابعين بإحسان، شديد زحامهم ساطع قتامهم متسربلين سرابيل الموت أحب اللقاء إليهم لقاربهم، قد صحبتهم ذرية بدرية، وسيوف هاشمية، قد عرفت مواقع نضالها في أخيك، وخالك، وجدك وأهلك وما هي من الظالمين ببعيد.
قال الإمام المنصور بالله عليه السلام: وكان من أمره فيه عليه السلام كما قال: والله ما أمرت ولا نهيت، ولا كرهت، ولا رضيت، ولا سرني، ولا سائني.
قال الإمام المنصور بالله عليه السلام: وفي هذه الألفاظ العلمية العظيمة لأهل العلم مجال وسيع، وشرح بليغ، لا يحتمله المكان (تم كلامه عليه السلام).
وأما قولنا: في الأرجوزة قسيمة في منتهى الأنوار، وهو قسيم جنة ونار، فسيأتي ذكره إنشاء الله تعالى.
وأما قولنا عن كبد مجروحة مريضة، ومقلة عن حقها غضيضة، وقوة بظلمهم مهيضة، فقد أسمعناك ذلك من كلامه عليه السلام.
وأما قولنا: وفتنة طويلة عريضة فنريد بذلك ما نبه عليه عليه السلام في كلامه الذي رويناه عنه ولاشك أن إزالتهم للأمر على معدنه وإخراجهم له عن أهله كان سبب فتنة الأموي، والعباسي إلى انقطاع أمرهم، وهو ظلم أسسه القوم بظلمهم لسيد البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين، وسيد الوصيين سلام الله عليه، ورضوانه.