فلبس الحرير مستجيداً
وصب في إخوانه الوعيدا
فنهدت
لقتله الأبطال

 

جهلاً وآوى عنده الطريدا
ولم
يكن في رأيه رشيدا
وأثبتته
الخيل والرجال

وشمرت عن ساقها النزال
فحكموا
فيه السيوف القاطعة
ونحروه
كالجزور الجامعة

 

فجد منه العمر والآمال
ورشقوه
بالسهام الشارعة
ونزلت
بالدار منهم قارعة

ولما ولي عثمان بن عفان، حدثت من حوادثٌ، أنكرها الصحابة منها لبس الحرير، وتقريب طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإيثار بني أمية بأموال الله، واختصاصهم بها إلى غير ذلك من الحوادث التي أنكرها المسلمون فقتلوه حيث لم يتب منها.

ونحن نذكر من حوادثه هاهنا طرفاً فمنها: أنه روى أن أول ما عاب عليه المسلمون أنهم كلموه في إنفاذ وصية عمر في عبيد الله بن عمر لما قتل الهرمزان، وصاحبه متهماً بأن أبا لؤلؤة خادم المغيرة قتل أباه عمر عن رأيهما، وقال إنه رأى الخنجر الذي طعن به عمر مع الهرمزان قبل قتلة، فأوصى عمر أيهم ولي أمر الناس بعده أن ينظر عبيد الله، فإنه قتل رجلين من المسلمين فإن هو أقام بينة عادلة أنهما هما اللذان أمرا بقتلي خلي سبيله، فاستشار عثمان جماعة من المهاجرين في أمر عبيد الله، لما ولي الأمر فقال أشيروا علي في هذه الذي فتق في الإسلام ما فتق فقال علي عليه السلام أرى أن نقتله قال الراوي: فجعل عثمان يُعَلِّل الناس إذا كلموه في أمره، ثم زعم أنه عفا عن عبد الله فقال المسلمون: ليس لك العفو عنه، فقال: بلى، وأنا والي المسلمين، وقال علي عليه السلام: ليس كما تقول أنت بمنزلة أقصى المسلمين رجلاً، لا يسعك العفو عنه فإنما قتلهما في ولاية غيرك، ولو كان في ولايتك ما كان لك، فلما رأى أن المسلمين أبوا عليه أمره، فدخل الكوفة، وأقطعه بها داراً وأرضاً من السواد، ومنها أنه عَمَدَ إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على منبره، فجلس، وقال سلمان اليوم ولد الشر، وقد كان أبو بكر قام أسفل منه، وعمر أسفل من مقام أبي بكر، ومنها أنه عَمَدّ إلى عمال عمر، فعزلهم، واستعمل الوليد بن عقبة على الكوفة، وكان أخاه لأمه، وهو الذي أنزل الله تعالى فيه: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ}[الحجرات: 6] الآية، واستعمل عبد الله بن عامر على البصرة، وكان بن خاله، وكان صبيّاً سفيهاً لا دين له، وعبد الله بن سعد بن أبي سراج على مصر، وكان -من أشد المنافقين على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شركاً، وعدواناً ومن أخبث المنافقين بعد إقراره وهو الذي قال الله فيه: {وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ}[الأنعام:93]، واستعمل يعَلى بن مُنَبَّه التميمي على اليمن في أشباهٍ فساق وجفاة، ومنها أنه عمد إلى طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحكم بن أبي العاص، وكان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم أخرجه من المدينة وأعطاه عثمان ثلاثمائة ألف درهم من خمس.

واستسلف من مال الله مالاً عظيماً فأتاه عبد الله بن أرقم، وكان على الفيء، والخمس، والمال على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم [21-ج ]وأبي بكر وعمر يتقاضاه، فقال مالك ولهذا والله لا أقضي منه شيئاً أبداً ما بقيت، ومنها [ ] روى الطبري في تاريخه والواقدي، وعامة رواة الأحاديث أن الحكم بن العاص كان سبب طرده وولده مروان حين طردهما رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم أن الحكم اطلَّع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً في داره من وراء الجدار، وكان من سعف، فدعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوس ليرميه فهرب، وفي رواية أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في قسمة خيبر اتق الله يا محمد فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعنك الله ولعن ما في صلبك تأمرني بالتقوي، وأنا جئت بها من الله تعالى، فلا تجاورني فلم يزالا إلا طريدين حتى ملك عثمان فأدخلهما ومنها ما روى الطبري في تاريخه أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح صالح أهل إفريقية على ثلاثمائة قنطار من ذهب، فأمر بها عثمان لآل الحكم، ومنها أنه روى بعض أهل العلم من أهل البيت عليهم السلام أنه لبس العقبان، وهو الشريف الداعي أبو الحسن، ذكر ذلك في أرجوزته، حيث قال في عثمان فلبس العقيان والحريرا، ومنها ما روى أنه لبس الحرير فأنكروا عليه فقال إني كنت استأذنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم في لبسه-، لأني كثير القمل، أو كما قال هذا هو المعنى أو اللفظ والمعنى، ومنها أنه قدم عليه مال من العراق فطفق يقسمه بين بناته، وأهله في الصحاف، وأفاض المال، على ولده، واشتروا الأرضين بمال الله، وقد قال الله تعالى: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}[الحشر: 7]، ومنها أنه منع الأعراب الجهاد مخافة أن يشركهم في الفي، وقد دعاهم الله ورسوله إلى الجهاد، ومنها أنه أخرج أبا ذر الغفاري إلى الربذة، وآذاه، وقد كان أبو ذر رحمه الله بالشام، فرجع يذكر أحداثه، فقال له معاوية: لا تعوْدَنَّ إلى شيئ من هذه الأحاديث، وكتب إلى عثمان فكتب إليه أن احمله على ناب صعبة واجعل وطأه قتباً، فلم يقلع أبو ذر عن غيبته، فقال معاوية ألم أنهك فأبيت قد خرفت، وذهب عقلك فقال: فقد بقي من عقلي ما أشهد به على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه حدثني أن أحدنا يموت كافراً إما أنا، وإما أنت يا معاوية، فارتحل أبو ذر حتى قدم المدينة، وقد سقط لحم اليته، وفخذيه، ومرض مرضاً شديداً، وبلغ عثمان فحجبه عشرين ليلة فلما دخل عليه، قال:

لا أنعم الله لعمروٍ عينا

42 / 398
ع
En
A+
A-