قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -حنوطاً من حنوط الجنة فقال اقسمه ثلاثة أثلاث: ثلث حنطني به إذا أنا مت، وثلث لابنتي وثلث لك غيري؟

قالوا: اللهم لا.

قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -أنا أفخر بك يوم القيامة إذا تفاخر الأنبياء بالأوصياء غيري؟

قالوا: اللهم لا.

قال علي صلوات الله عليه وعلى روحه: إذاً أقررتم واستأثرتم على آل نبيكم صلوات الله عليه فعليكم بتقوى الله وحده لا شريك له إنه نهاكم عن سخطه، ولا تعصوا أمره، ورُدُّوا الحقَّ إلى أهله، واتبعوا سنة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم فإنكم إن خالفتموني خالفتم نبيكم فادفعوها إلى من هو أهل لها وهي أهل لهم، فتآمروا فيما بينهم وتشاوروا وقالوا قد فَضَّله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعرفنا أنه أحق الناس بها، ولكن علىٌّ رجلٌ لا يفضل أحداً، ولا أخاه، ولا يجعلكم إن وليتموها إياه وأقصى الناس إلا سواء، ولكن ولُّوها عثمان، فإنه أيسر بكم ويهوى الذين تهوون وتشتهون، فدفعوعها إلى عثمان بن عفان والله المنتقم ممن ظلم، وكفى به حسيباً، وكان من قول عثمان لعلي عليه السلام هنالك ما ذنبي إن كانت قريش لا تحبكم، وقد قتلتم منهم ثمانين كأنهم شنوف الذهب تشرب القوم، وذلك من أعظم الحامد له عليه السلام، ولكن القوم حسدوه، وأَعملوا الجيل في صرف الأمر عنه بغياً، وخلافاً لله تعالى، ولرسوله عليه السلام، وقد روى حديث الشورى بروايات أخرى، ونحن نورد منها بعضاً عند الكلام في شبه المخالفين إن شاء الله تعالى، ومن تأمل ما أورده أمير المؤمنين عليه السلام على القوم في هذا الحديث، وسلوكهم غير سبيل الصواب علم أن أمرهم مبني على محبة الدنيا والتنافس فيها؛ وروى الطبري في تاريخه أن عبد الرحمن دعا علياً فقال عهد الله عليك وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله، وسيرة الخليفتين أرجوا أن أفعل فأكمل مبلغ علمي وطاقتي، ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي عليه السلام فقال: نعم فبايعه فقال علي عليه السلام حياة([4]) حييت دهراً، وليس هذا بأول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون.

والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر عليك، والله كل يوم في شان، فقال عبد الرحمن: يا علي لا تجعلن على نفسك سبيلاً فإني قد نظرت، وشاورت الناس، وإذا هم لا يعدلون بعثمان فخرج علي وهو يقول سيبلغ الكتاب أجله قال المقداد: وما رأيت مثل ما أتى أهل هذا البيت بعد نبيهم وإني لأعجب من قريش أنهم تركوا رجالاً ما أقول أن أحد أعلم ولا أقضي منه بالعدل، أما والله لو أجد عليه أعواناً.

 فقال رجل للمقداد رحمك الله من أهل البيت هذا، ومن هذا الرجل، فقال أهل بيت بنو عبد المطلب، والرجل علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال علي عليه السلام فقال علي إن الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر بينها فيقولون: إن --- عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبداً وما كان في غيرهم من قريش تداولتموها بينكم، ومن كلام أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب رأس اليهود في ذكر عمر أنه قال فكان من فعله أنه ختم أمره أن سمى قوماً أنا سادسهم لم يستوي بي وبهم حالٌ قط، ولم يكن لرجل منهم أثر في وراثة الرسول، ولا قرباه ولا نسبه، ولا لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي، ولا أثر من آثاري، ولا حق من استحقاقي فصيرها شورى بيننا وصير ابنه فيها حاكماً علينا، وأمره بضرب أعناق الستة النفر الذي صير الأمر فيهم إن لم ينفذوا أمره، إلى أن قال عليه السلام مكث القوم إيامهم كلها حتى أن كلاً ليخطبها لنفسه، وأنا ممسك فإذا سألوني عن أمري، وناظرتهم في أيامي، وإياهم وأوضحت لهم ما لم يجعلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم، وتأكيدهم ما أكَّد لي من البيعة في أعناقهم دعاهم الإمارة، وبسط الأيدي والألسن والأمر والنهي والركون إلى الدنيا إلى الإقتداء بالماضين قبلهم، وتناول ما لم يجعل الله لهم، فإذا خلوتُ بالواحد منهم بعد الواحد فذكرته أيام الله وحذته ما هو قادم عليه، وصائر إليه التمس مني شرطاً بطائفة من الدنيا أصيرها له، فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء، والحمل على كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم ووصيته وإعطاء كل أمرءٍ ما جعل الله له، ومنعه ما لم يجعل الله له انتبذ من القوم منتبذٌ فأزالها إلى ابن عفان طمعاً في التبجح معه فيها، حتى قال عليه السلام: ثم لم أعلم القوم أمسوا في يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم، ونكصوا على أعقابهم وحال بعضهم على بعض يلوم نفسه ويلوم أصحابه، حتى قال عليه السلام: فوالله يا أخا اليهود ما منعني منها إلا الذي منعني من أختيها، ورأيت الإبقاء على ما بقى من الطائفة أنهج لي، وآنس لقلبي من فنائها، وعلمت إني إن حملتها على ركوب الموت ركبته إلى آخر كلامه عليه السلام.

قال الإمام المنصور بالله عليه السلام: ما رويناه عنه، ولقد قال عليه السلام يوم الشورى: ما رويناه عنه، بالإسناد إليه لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق في صلة رحم، أو عائدة كرم فاسمعوا قولي، وعوا منطقي، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم فيه تنتضى فيه السيوف، وتخان فيه العهود، حتى يكون بعضهم أئمةً لأهل الضلالة، وشيعة لأهل الجهالة.

قال الإمام المنصور بالله عليه السلام: و فكان ذلك، كما قال عليه السلام: بغير زيادة، ولا نقصان، ولو لم يتقلد الأمر أبو بكر، ما تأهل له عمر، ولو لم يتقلده عمر ما طمع فيه عثمان، ولو لم يتقلده عثمان ما طمع فيه معاوية، ومن تبعه من جبابرة بني أمية، ولولا أخذه جبابرة بني أمية، ما تقلده بنو العباس (تم كلامه عليه السلام):

41 / 398
ع
En
A+
A-