ومثل قوله تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ}[الأعراف:44]، وقوله: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً}[الإنسان:11،12]، وقوله{وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً}[الإنسان:21]، وقوله {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ}[الإنسان:21]، وقوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً} إلى قوله: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً}[الإنسان:20-22] على ما يأتي بيانه، ومثل ذلك ما رواه جابر بن عبد الله قال: كنا نقيل في المسجد ومعنا علي بن أبي طالب عليه السلام قال: فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه عسيب رطب فضربنا به فجفلنا وانجفل علي بن أبي طالب معنا فأدركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ بثوبه، وقال: إنك لست كهيئتهم إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، كأني بك على الحوض بيدك عصاً من عوسج تذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادي عن الماء يقتلك أشقا هذه الأمة كما قتل ناقة الله أشقى بني فلان من ثمود)).
ومثل ذلك أن الله تعالى أقسم أن لا يعذب. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((قال جبريل: لقد آلا ربنا على نفسه أن لا يعذب علياً بالنار ولا شيعته ولا أحباءه أبداً))، ومثل ذلك قوله -صلى الله عليه وآله وسلم [لعلي عليه السلام]: ((أنت الطريق الواضح وأنت الصراط المستقيم.وأنت يعسوب المؤمنين)) ونحو ما روينا عن بن المغازلي في مناقبه وهو ما روى بالإسناد عن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا علي أنت ذو قرينها وإن لك كنزاً في الجنة فلا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة )).
فأخبر بأن له كنـزاً في الجنة، وذكر العلماء في قوله: ((ذو قرينها)) ما روى عن علي عليه السلام أنه قال: في ذي القرنين كان رجلاً صالحاً ناصح الله عز وجل فدعى قومه إلى الله فضربوه على قرنه، ثم دعاهم إلى الله فضربوه على قرنه فمات.
فقال بعض العلماء معنى الحديث: أنَّ علياً عليه السلام دعا الناس إلى الله فضربوه على رأسه، فكان بمنزلة ذي القرنين.
وقال بعضهم قوله: أنت ذو قرينها يعني الجنة أنت فيها بمنزلة ذلك.
وروى في مناقبه أيضاً ابن المغازلي ورويناه عنه ما رفعه إلى ابن عباس قال: نظر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم -إلى علي عليه السلام فقال: ((أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة من أحبك فقد أحبني وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله عز وجل ويل لمن أبغضك)).
إلى غير ذلك مما يأتي من الأخبار الدالة على ذلك فإن إحصأها يتعذر وكلها تدل على القطع على مغيبه وإن باطنه كظاهره ولاحظ للقوم في هذا الباب لأن ذلك يدل على أنه معصوم من الكبائر مقطوع على باطنه، وأنه مع الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم -دنيا وآخره ولا اعتبار فيهم بما يأتي من الأخبار في مثل هذا المعنى مثل ما قالوا: عشره في الجنة؛ بل قد حمله المعتزلة على أنه خبر عن الحال لأنه قد وجد من طلحه والزبير البغي والفسق وانهزم عمر وعثمان يوم أحد وتركا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم ؛ وكذلك انهزموا يوم حنين وفيهم المشائخ الثلاثة، ونكثوا بيعة رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم. فإن قيل هو خبر عن العاقبة.
-قلنا ليس في ظاهره هذا بل الظاهر أنه خبر عن الحال أي هم الآن من أهل الجنة، ولا اعتبار أيضاً بقولهم في أبي بكر وعمر أن الرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - قال فيهما: أنهما سيدا كهول أهل الجنة، لأنه ليس في الجنة كهل بل هم جرد مرد، ولا يصح الخبر لمخالفته ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وآله- في هذا، وإن صح فهو خبر عن الحال أي هما الآن سيدا كل كهل يستحق الجنة فلا يدخل في ذلك أمير المؤمنين عليه السلام لأنه كان أصغر منهم سناً، ولا يدخل الحسن والحسين عليه السلام لكونهما صغيرين فانظر كيف تفرد عليه السلام بهذه المنازل العلية دونهم:[97-ج]:
|
وناظر الملحد حتى أفحمه |