منهم وإلا ناظماً غريبا
أو واعظاً عن خشية منيبا
متى وفيمن نزلت نزولا
آياته إذ فصلت تفصيلا
وعلم المجمل والمفصلا
وما تشابه وكيف أولا
يا حبذا سبيله سبيلا
ومحكم الآيات حيث نزلا
وناسخاً منها ومنسوخا خلا([71])
أما قولنا: وهل علمت مثله خطيبا، وقولنا: واعظاً منيبا، فله عليه السلام في ذلك ما ليس للقوم إذ هو من الفصاحة بالمحل الأعلى، وله في ذلك كتاب: (نهج البلاغة)، وغيره فإن فيه من الخطب الغريبة، والرسائل العجيبة، والمواعظ الحسنة، والآداب البديعة ما يشفي غليل الصدور، ويوضح ملبسات الأمور فمن، أحب الوقوف على حقيقة الأمر فليقف عليه فليس الخبر كالمعاينة وله عليه السلام من مقامات الوعظ والتذكير ما هو غير مدفوع ولا مجحود.
ولولا خشية الإطالة لفتحنا لك من هذا الباب العجب العجاب، ولكن ميلنا إلى الإختصار خاصة مع كون ذلك معلوماً من حاله عليه السلام.
وأما قولنا: علم التنـزيلا إلى آخر ما ذكرناه في هذا الموضع، فقد قدمنا في ذلك ما رويناه عنه عليه السلام من قوله على المنبر: والله ما نزلت آية في ليل ولا([72]) نهار ولا سهل ولا جبل ولا سفر ولا حضر إلا عرفت متى نزلت وفيمن نزلت وعرفت ناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها ومجملها ومفصلها، إلى آخر الأخبار التي رويناها في هذا الباب.
وروينا في هذا المعنى أيضاً عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: والله ما كذبت ولا كذبت ولا نسيت ما عهد إليَّ وأني على بينة من ربي بيَّنها لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وإني لعلى الطريق الواضح القطها لقطاً.
وروينا عنه عليه السلام أنه قال: ما نزلت من آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت. إن ربي وهب لي لساناً طلقاً وقلباً عقولا.