نيره واضحة المحجة
فما تكون مجه في لجه
وبالزبور يا ذوي التفصيل
علماً وبالقرآن ذي التنـزيل
بل أيهم قال له الحق معه
هل جمع القوم الذي قد جمعه
في قوله المصدق المقبول
وهو مع الحق الذي قد شرعه
من علمه بخ له ما أوسعه
أما قولنا: أنه عليه السلام حجة وأن أعلمهم في علمه كالمجة: فاعلم أرشدك الله أن العترة مجمعة على أنه عليه السلام كان أعلم الصحابة، وإجماعهم حجة كما تقدم بيانه، ولا أشكال أيضاً في كونه أعلم بلا إشكال في أنهم لا يدانوه في ذلك لأنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد، وكان يكتب وحيه ومسائله ويسمع فتاويه، ويسأله ويأخذ عنه.
وروينا عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد رأى علياً مقبلاً فقال: ((أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة)).
وروينا من مناقب الفقيه ابن المغازلي ما رفعه إلى أنس قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرأى علياً مقبلاً فقال: ((أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة)).
فأما قولنا: أحاط بالتوراة والإنجيل إلى آخر البيت، ففي ذلك ما رويناه عنه عليه السلام أنه قال على رأس المنبر، بحضرة المهاجرين والأنصار، وأشار إلى بطنه كيف مُلئ علماً لو وجدت له طالباً فوالله لو كسرت أو قال: ثنيت لي وسادة لحكمت لأهل التوراة بتوراتهم ولأهل الزبور بزبورهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل القرآن بقرآنهم، حتى ينادي كل كتاب هذا حكم الله في)).
وروى الناصر للحق عليه السلام بإسناده عن زاذان عن بن عمر عن علي عليه السلام أنه قال: والله لو كسرت لي الوسادة ثم جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة يتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، حتى يذهبوا إلى الله تعالى، وما من آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سهل ولا جبل، ولا سماء ولا أرض، ولا ليل ولا نهار، إلا وأنا اعلم فيمن نزلت وفي أي شيء نزلت، وما من رجل من قريش إلا جرن([64]) عليه المواشي إلا وأنا أعلم أي آية نزلت فيه تسوقه إلى جنة أو إلى نار؛ وهذا الخبر مشهور عند أهل النقل، وقد طعن فيه أبو هاشم بأنه لا يصح الحكم بغير القرآن، وهذا حيف من أبي هاشم، وميل عن علي أمير المؤمنين، وتعصب وحمية على المذهب الفاسد، وإلا فالله سبحانه وتعالى قد رد قوله قال عز وجل: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} إلى قوله: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة:43،44].