أما ما أجملناه هاهنا من شجاعته عليه السلام، وذكر من أسره من الشجعان وأعثره من الأقران فهو ما ظهر واشتهر، ولم ينكره أحد بل شهد به البعيد والقريب، واشتهر([56]) به البغيض، والحبيب، ولا يمكن إحصاؤه في مثل هذا الموضع.
وأما أسر عمرو بن معدي كرب الزبيدي.
ففي ذلك ما روى الناصر للحق عليه السلام في الإمامة قال: وهو الذي أسر عمرو بن معدي كرب الزبيدي فارتك([57]) العرب غير مدافع وأتى به –عليه السلام-([58]) وعمامته في عنقه، ثم خلى عنه فأسلم بعد ذلك يوم ذات الأباطل، وكذلك أسر برز كأنه أشجع العرب.
ومن مقاماته عليه السلام: قتل عامر بن الطفيل أحد شياطين الإنس وأدرك منه ثأر المسلمين. رواه الحاكم رحمه الله.
ولو رمنا إحصاء ما يتعلق بهذا الباب لتعذر علينا، وإنما اعتمدنا ذكر طرف من ما اشتهر خبره من المواقف المشهورة والمقامات المأثورة التي كان بها الفوز العظيم والثواب الجسيم.
وأما قولنا: وهو المسمى في الكتاب قسورة فذلك لما روى من سابقته في الجهاد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج من بيته وأحداث المشركين يرمونه بالحجارة حتى أورموا قدميه وكعبيه وعرقوبيه؛ فخرج عليهم علي عليه السلام كالأسد وطردهم.
قال الراوي: سألنا: من هذا وهؤلاء، وهذا الفتى؟
فقالوا: هذا محمد –صلى الله عليه وآله وسلم- يدعي النبوة، وهؤلاء أحداث قريش يؤذونه.، وهذا علي بن أبي طالب عليه السلام بن عمه يحامي عنه، ويقاتل دونه فأنزل الله تعالى [90-ج]فيه وفيهم: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ، فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}[المدثر:50،51] شبهه تعالى بالأسد، وشبههم بحمر الوحش.
|
ألم يقل فيه النبي المنتجب |