ولنرجع إلى قول المنصور بالله عليه السلام.

 قال الإمام المنصور بالله عليه السلام: فقد رأيت هذه الآثار وما فيها من الدلالة القوية، والفضيلة العظيمة، التي تميز بها عن([44]) الصحابة رضى الله عنهم، وهم خير الأمة.

فكان خيار الخيار؛ وفي الخبر دلالة على العصمة والقطع على المغيب، وأن الباطن منه عليه السلام مثل الظاهر، وأنه الآخذ صفوة الفوز العظيم، لأنه تعالى ذكر في آخر سورة([45]) البشرى {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة:111]، فما بعد ذلك من ملتمس، وقد نطق القرآن بلفظ المحبة. –فقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4]؛ وكان أثبت البنيان قياماً، وأصدق الفرسان صداماً، ثم ذكره تعالى بصيغة أخرى في قوم نكلوا عن الجهاد، أو خيف منهم ذلك: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة:54].

ثم ذكر([46]) ذلك في تمام الآية بقوله تعالى: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة:54].

قال عليه السلام: فإذا تقرر ذلك، وقد علمنا أن أحداً لا يبلغ إلى منزلته في الجهاد ولا كاد -فلو لم يكن قد ورد نص في تفضيله والثنناء عليه من الله تعالى ورسوله مصرحاً لاستدلالنا على فضله وتقديمه على الجميع بتقدمه في الجهاد، وعنايته في الدين -كيف وقد صرح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم بمحبته ومحبة الله تعالى له، تم كلامه عليه السلام

وقد دخل تحت هذه الجملة المتقدمة كلها ما تضمنته أبيات الأرجوزة المتقدمة في قصة خيبر؛ فتأمل أيها الطالب للنجاة هذا الموقف المشهور بالفضل والكرامة تصب رشدك إن شاء الله تعالى.

وهاك في يوم حنين معرفة
عشرين مع أربعة مؤلفه
حتى أتاهم مدد السماء

 

قاتل بالقوم([47]) الوفاء مردفه
وانهزم القوم فصفهم بالصفة
وكان يوماً عسيراً اللقاء

والقوم قد ولوا عن البوءساء
هناك زاغت منهم(
[48]) الأبصار
فيما قط كأنه نيار

151 / 398
ع
En
A+
A-