وعنه عليه السلام قال: أخبرنا الرواة عن ابن عباس قال: أمر أبو بكر خالد بن الوليد أن يشتمل على سيف، ويصلي إلى جنب علي بن أبي طالب، فإذا هو سلم فإن بايع وإلا اضربه ثم إنه بدى لأبي بكر في ذلك فقال قبل أن يسلم لا يفعل خالد ما أمرته، وربما استبعد كثيرٌ من الناس مثل هذه الروايات إلا أنا موردون في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى من أقوال أهل البيت عليهم السلام، ورواياتهم، وكذلك في أجوبة شبه المخالفين في آخر الكتاب بمشيئة الله تعالى ما لا يستبعد ذلك معه، وإن لم تقع القطع على صحبته عند بعض دون بعض، وهو من لم يبلغ ذلك عنده حد التواتر، ثم استمر بعد ذلك الأمر لأبي بكر، وفي قلب أمير المؤمنين عليه السلام، وقلوب المتبعين له على الحق ما فيها إلى أن انقضت أيامه:

ثم ارتداها من أبي بكر عمر
بل
أنكروا الأمر عليه إذ أمر

 

ولم يكن أولى بها ممن حضر
فلم
يُبَلْ عن قولهم ولا اْعتذر

ولما هجم مرض الموت على أبي بكر دعا عبد الرحمن بن عوف فقال أخبرني عن عمر، وكذلك دعا عثمان، فقال له مثل ذلك فكلاهما قال فيه غلظة، وقال أبو بكر لعثمان لو تركته ما عدتك، ولا أدري لعلي تاركه والخيرة لله أن لا يلي أمركم ولوَددَتُ أني كنت خِلْواً من أمركم، وإني كنت فيما مضى من سلفكم؛ فلما كان بعد ذلك استخلفه، ولما استخلفه دخل عليه طلحة بن عبيد الله فقال له استخلفت على الناس عمر، ولقد رأيت ما يلق بالناس منه، وأنت معه فكيف إذا خلى بهم، وأنت لاق ربك، فسيسألك فقال أبو بكر بالله تخوفوني إذا لقيت ربي فيسألني.

 قلت: استخلفتُ على أهلك خير أهلك.

وروى الشعبي أن طلحة والزبير، وعثمان وعبد الرحمن بن عوف كانوا جلوساً عند أبي بكر في مرضه يعودونه، فقال أبو بكر ابعثوا إلى عمر فلما دخلوا عليه حست نفوسهم أنه اختاره فتفرقوا عنه فخرجوا فجلسوا في المسجد، وأرسلوا إلى علي عليه السلام ونفر معه فوجدوا علياً في حائط من الحيطان التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تصدق به، فوافوا إليه واجتمعوا، وقالوا يا علي، ويا فلان إن أبا بكر مستخلف عمر، وقد علم وعلم الناس أن إسلامنا قبل إسلام عمر وفي عمر باقية [11-ج ] التسليط، ولا سلطان له فادخلوا بنا عليه نسأله فإن استخلف عمر كلمناه، فيه وأخبرناه عنه ففعلوا فقال أبو بكر اجمعوا لي الناس حتى أخبركم من اخترت لكم، فخرجوا فجمعوا الناس في المسجد فأمر من يحمله إليهم حتى وضعوه على المنبر فقام باختيار عمر عليهم، ثم دخل فاستأذنوا عليه فأذن لهم، فقالوا ماذا تقول لربك، وقد استخلفت علينا عمر فقال أقول قد استخلفت عليهم خير أهلك.

واتفقت الرواية على أن أبا بكر عند انتها أمره، ونزول الموت به قال لأصحابه: انظروا كم أنفقت منذ وليت بيت المال فاقضوه فوجدوه ثمانمائة ألف في ولايته، هذه رواية الطبري في تاريخه وفي غيره روى أبو الحسن البصري قال: لما حضرت أبو بكر الوفاة قال انظروا كم أنفقت من مال الله فوجدوه قد انفق في سنتين ونصف ثمانمائة ألف درهم قال اقضوها علي فقضوها عنه، وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال؛ وقيل وعشرين يوماً، وقيل أربعة أشهر إلا أربع ليال. وهو ابن ثلاث وستين سنة.

 وهــو: أبو بكر عتيق بن أبي قحافة، واسم أبيه أيضاً عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، ولم يعلم من أحد من أئمة الهدى أنه أوصى أن تقضى عنه جميع ما تصرف فيه بحكم الإمامة في أيامه، وما يفعل هذا إلا من هو شاك في أمره، وقاطع على أن أمره غير صحيح إذ لا شك فيما يفعل بحكم الله تعالى فاعرف هذا النكتة ففيها ما فيها.

وروى الطبري في تاريخه عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: قال أبو بكر في مرضه الذي مات فيه ما آسى على شيء فعلته إلا على ثلاث فعلتهن ليتني كنت تركتهن ليتني كنت تركتهن ليتني كنت، تركت بيت فاطمة لم أكشفه، وإن كان قد أُغْلِقَ على الحرب، وليتني ليلة ضلت بنو ساعدة ضربت على أحد الرجلين فكان هو الأمير وأنا الوزير.

14 / 398
ع
En
A+
A-