وقوله يوم أحد كذلك، وقال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك فاستُرْجِعت سورة براءة من أبي بكر وأداها رجل منه، وهو علي عليه السلام.
وكذلك قال جبريل عليه السلام: فيما أفسد خالد وأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرج من يُصْلِح أنه لا يصلح لها إلا أنت أو رجل منك فأمر علياً عليه السلام فتبين بذلك أنه المراد بالآية لا غيره وهو التالي له في وجوب الطاعة إذ لا أحد غيره تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو منه سواه بل من وُلِّي أمر الأمة غيره، وهو أبو بكر ليس من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حيث عَزَله عن تبليغ السورة بعلي عليه السلام الذي هو منه، ولهذا المعنى قلنا فأين الجامع للقوم[72-ج] هل ثمَّ دليل قاطع؟
|
وهو ولي الحل والإبرام |
والأمر والنهي عن الأنام
وما قضاه في أولي الأرحام
المراد بذلك: ما احتج به أئمتنا عليهم السلام، وذكره الإمام الناصر للحق عليه السلام هو قول الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ}[الأحزاب:6].
ووجه الإحتجاج بالآية: أن الله تعالى حكم بأن أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض من غير تخصيص فيما يكونون أولى من غيرهم من مال القريب، أو مقامه أو ولايته، أو ما ملكه في حياته، أو بعد موته متى كان من المؤمنين والمهاجرين، فيجب أن يحمل على العموم إلا ما خصته دلالة فتدخل في ذلك أن القريب أولى من غير القريب بمقامه وولايته التي تكون له.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أولى بالمؤمنين من أنفسهم، كما ذكره في أول الآية.
وثبت أن أقرب الأرحام إليه العباس بن عبد المطلب، وعلي عليه السلام، وثبت أن العباس لم يكن من المهاجرين، فبقى الأقرب إليه من المهاجرين المؤمنين هو: علي عليه السلام، فيجب أن يكون هو أولى بمقامه وولايته التي كانت له من أبي بكر وعمر وغيرهما.
فإذا كان كذلك كان هو الإمام دون غيره إذ لا نعني بالإمام إلا الأولى بمقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبإنفاذ ما كان له إنفاذه، فلا يصح أن يدعي مثل ذلك في أبي بكر، وعمر فيقال هما: من رحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن ذلك من الغلط الفاحش لبعدهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يُعدَّ أن من رحمه إلا كما يعد غيرهما من الناس فإن الرحم في اللغة: من جمعهم رحم واحد يدنوه منهم نحو الجدة أم الأب، أو أم الأم، ولهذا لما أوجب الله تعالى صلة الرحم، لم يجب علينا بذلك صلة من يعد بعدهما من الناس.