فأما قوله: أنه صار في الشرع فيمن يتولى إعظامه ونصرته فقد أريناه قيام الدلالة على ملك التصرف سواءً كانت اللفظة باقية على الإشتراك بين تلك المعاني أو كان السابق منها إلى الأفهام ملك التصرف وحده.

ومنها: قول المخالف أن الولي: بمعنى النصرة والمحبة.

 والجواب عن ذلك: مثل ما تقدم وهو أنه إن صح ما ذكره وجب أن يحمل على المعنيين جميعاً من حيث لا تنافي بينهما، وأيضاً فقد بينا أن الخطاب متوجه إلى بعض المؤمنين، وهو: علي عليه السلام [32 أ - ب ] والنصرة والمودة والمحبة لا تخصه دون غيره يبين ذلك أنه تعالى أخبرنا بلفظة إنما، وهي: إنما تفيد إثبات ما دخلت عليه لمن جعل له ونفيه عمن عداه في اللغة العربية كقول القائل: إنما الثوب لزيد، وإنما العبد لخالد، فإنه يفيد أن غير زيد ليس له الثوب وأن غير خالد ليس له العبد، ولهذا قال الأعشى: إنما العزة للكاثر أراد نفي العزة عمن ليس بكاثر، وأحسن منه قوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[النساء:171] أراد أنه لا إله واحد إلا هو تعالى، فأما قول القائل: إنما الناس أهل العلم، فإنه أراد أن غيرهم بمنزلة من ليس من الناس بجهلة، وهو تَجوُّزٌ فيها في ذلك لما كانت تستعمل حقيقة في هذا المعنى، وذلك يقتضي، أن معنى الآية أن الولاية لا تثبت عليكم أيها المؤمنون إلا لله ولرسوله وللمؤمنين، الذين يعطون الزكاة في حالة الركوع دون غيرهم من الناس وإلا بطل إفادتها لنفي ما عدا ما دخلت عليه، وهذا يقتضي أنَّه لا يجوز أن يُحمل الولي على النصرة والمحبة لأن المؤمنين أنصار وأهل محبة سوى الله ورسوله وسواء المؤمن الموصوف والمؤمن المطلق أيضاً.

ومنها: قول المخالف فإن الله لا يوصف بأنه وليَّنا بمعنى أنه إمامنا فكذلك ما عطف عليه وقد تقدم جنس هذا الإعتراض، إلا أنا نكرر لتأكيد بيان الحق. فنقول:

الجواب عن ذلك: أنا لم نقل الولي بمعنى الإمامة أصلاً، وإنما قلنا هو بمعنى: الأحق بالقيام، والتدبير، والتصرف في الأمر إذ ذلك مضمون قولنا معناه ملك التصرف.

وهذا يشترك فيه الله، والرسول، والمؤمن الموصوف، ثم نقول: وكل من هو مختص بأنه الأحق بالقيام على المؤمنين، والتصرف على المسلمين فهو الإمام للدلالة التي دلت على انه ليس لأحد ولاية عامة بعد الله ورسوله، والإمام، فلهذا قلنا: أنها تفيد الإمامة فقط، ولو صح ما ذكره المخالف للزمه ذلك في المودة والنصرة لأن المحبة من الله تعالى هي: إرادة الثواب والتعظيم والنصرة منه هي: تقوية القلب، وإلقاء الرعب في قلوب الأعداء، وهذا المعنى لا يثبت في الرسول ولا في المؤمنين الذين ذكرهم الله تعالى في الآية، فكان يلزمه ما ألزَمنا.

ومنها: قول المخالف أن قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المائدة:56]، الآية تدل على أنه أراد بالولاية أولاً: النصرة، ولهذا ذكر العلة.

والجواب عن ذلك: أنا نقول أنه يمكن أن تكون هذه الآية منفصلة عن الأولى لأن الأولى ثابتة لله.

والثانية: إثباتها لغير الله تعالى فمن يتولى الله ليس المتولي هو المولى عند أحد من العقلاء، ويمكن أن يكون أخبر أن من تولى الله ورسوله، ومن الولاية له من أئمة الهدى كان غالباً وكان من حزب الله.

ومنها: قول المخالف أن أمير المؤمنين لم يدخر من المال ما يجب فيه زكاة.

122 / 398
ع
En
A+
A-