ألا تسمع إلى قول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد:26] فلم يسقط فسق الفاسق منهم وجوب اتباع المؤمن المهتدي ولا أخرجه من وراثة الكتاب فثبت بهذه الجملة الوجه الأول.

الوجه الثاني: أن الله تعالى وصف المؤمنين المذكورين في الآية بصفة لم توجد إلا في علي عليه السلام وهي إيتاء الزكاة في حال الركوع والذي يدل على ذلك وجهان:

أحدهما: إجماع العترة وهو حجة كما تقدم على أنه عليه السلام آتى الزكاة في حال الركوع وهي الخاتم الذي أعطاه السائل وهو راكع وهو خاتمه عليه السلام وأن الآية نزلت فيه لذلك والأخبار متفقة من روايتنا ورواية أكثر مخالفينا على ذلك وشاهدة به.

أما ما يرويه أهل المذهب الشريف في ذلك فلو قصدنا شرحه وتفصيله هاهنا لطال الكلام ولكنهم يكفيك أنهم يجتمعون إلى معنى واحد في أخبارهم ورواياتهم في أن علياً عليه السلام هو المؤتي الزكاة، وهو راكع تصدق بخاتمه على السائل وهو يصلي فنزلت الآية فإن النقل منهم مستفيض بأن سائلاً اعترض يسأل الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يعطه أحد شيئاً فأشار علي عليه السلام بخاتمه وهو راكع ليأخذه السائل فأخذه فنزلت الآية.

قال الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليه السلام: وقد روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: تصدقت بنيف وعشرين صدقة وأنا راكع لعله أن ينزل في مثل ما نزل في علي عليه السلام فلم ينزل فيَّ شيئ.

وروينا عن الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني سلام الله عليه في كتابه: (سلوة العارفين ) ما هو عن يحيى بن الحسن حدثنا أبو يزيد أحمد بن يزيد حدثنا: عبد الوهاب بن دارم بن حماد عن أبي مخلد عن الحسين بن المبارك عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: أخرجت مالي صدقة يتصدق بها عني وأنا راكع أربع وعشرين مرة على أن ينزل فيَّ شيء مثل ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل.

وأما ما يرويه مخالفون فقد ذكر الإمام المنصور بالله عليه السلام في الرسالة النافعة زيداً مما رواه فقهاء العامة في هذه الآية، ونزولها وجعل ذلك عليه السلام استظهاراً على المخالف وحجة عليه لكونه من باب إقرار الخصم لخصمه ونحن نذكر هاهنا ما ذكره عليه السلام ورواه عنهم منقولاً بلفظه من غير زيادة ولا نقصان، ونحن نرويه عنه.

قال عليه السلام: ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري في تفسير سورة المائدة من صحيح النسائي عن بن سلام قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا إن قومنا حادونا، ولما صدقنا الله ورسوله وأقسموا أن لا يكلموننا فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة:55]، ثم أذن بلال لصلاة الظهر، فقام الناس يصلون فمن بين راكع وساجد، وإذا بسائل يسال فأعطاه علي خاتمه، وهو راكع فأخبر السائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الآية، قال المنصور عليه السلام فهذا بينه كما ترى في بقراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الآية عقيب حكايتهم له إعطاء علي عليه السلام بأن علياً عليه السلام هو الولي للمؤمنين وهذه قرينة حال قابلتها قرينة مقال.

 قال: قال عليه السلام: ومن مناقب ابن المغازلي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: 55].

ما رفعناه إليه ورفعه بإسناده إلى عبد الله بن عباس رضى الله عنه: قال نزلت في علي عليه السلام، وبالإسناد من طريق أخرى من كتابه رفعه إلى محمد بن الحسن عن أبيه عن جده في قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[المائدة:55] قال الذين آمنوا: علي بن أبي طالب.

113 / 398
ع
En
A+
A-