فلما بلغ موضع التطهير ذكرهم وأذهب عنهم التأنيث فقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33]، مع شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال نزلت هذه الآية في خمسة فيَّ وفي علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}[الأحزاب: 33] الآية.

وأما الإجماع فلا خلاف بين الصحابة والتابعين أن ابني فاطمة وأولادهما في كل وقت هم أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما حكى الخلاف فيه في زمن التابعين إلا من الحجاج اللعين، وقد اْحتج عليه الحسن البصري بمثل ما رويناه عن زيد بن علي عليه السلام وأيضاً فإن ما قدمنا من قول الحسن بن علي عليه السلام على المنبر (فأنا الحسن بن محمد فالجد في كتاب الله الأب) إلى آخر كلامه.

فإنه كان بمحضر من الصحابة والتابعين، والعارفين بالشريعة والملة، واللغة العربية، فأقروه على ذلك فلولا أنه قال الحق لغة وشرعاً ما أقروه على ذلك وأما ما اعترضوا به من قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}[الأحزاب:40]؛ فإن من الظاهر الجلي أنها نزلت في شأن زيد بن حارثة فإنه كان تُبُنِّيَ للنبي –صلى الله عليه وآله وسلم –فبين الله تعالى أنه ليس بابنه بل يجوز له أن ينكح امرأته ونكحها رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-.

كما قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا}[الأحزاب:37] الآية، وكان عند نزولها الحسن والحسين صغيران لا ينطلق عليهما اسم الرجال، فأما قولهم لو كان ابن البنت ابناً لورث بالتعصيب فإن هذا تحكم [39 أ- أ ] على الشرع الشريف فإن الإبن قد لا يرث في الحال نحو أن يكون مملوكاً أو كافراً، ولا يخرجه ذلك من أن يكون ابناً فليس الميراث من حقيقة البنوة فبطل ما قالوه وصح بذلك أن أهل البيت المذكورين في آية التطهير هم أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فثبت الوجه الأول.

وأما الوجه الثاني: وهو من السنة فهو قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).

وهذا الخبر مما ظهر بين الأمة واشتهر وتلقته بالقبول وأجمعوا على روايته بالألفاظ المختلفة المفيدة لمعنى واحد.

ووجه الإستدلال به على أن إجماعهم حجة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمَّنَنَا من الخطاء إذا تمسكنا بالعترة عليهم السلام كما أمَّنَنَا من الخطأ إذا تمسكنا بالقرآن، فلو جاز أن يجمعوا على الخطأ لما أمننا من ذلك لأنه يكون تلبيساً وتغريراً وذلك لا يجوز عليه صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا لم يجز الخطأ عليه في إجماعهم كان إجماعهم حجة لوجهين:

أحـدهما: أنهم قد أجمعوا على أن إجماعهم حجة بعد قيام الدلالة التي قدمنا من الكتاب على أن إجماعهم حجة فلا يكون هذا خطأ بل يكون مذهباً صحيحاً

- والثـاني: أنا لا نعني بوجوب إجماعهم وكونه حجة إلا وجوب اتباعهم عند الإجتماع، وإذا كان يجب اتباعهم في أقوالهم وأفعالهم، ورضائهم فقد ثبت بأن إجماع بالمعنى الذي أردناه حجة، وأعلم أرشدك الله أن هذا الخبر يدل على أن إجماع العترة عليهم السلام حجة من وجوه سبعة:

أحـدها: أنه بين أن العترة والقرآن لا يفترقان فالتابع للعترة تابع للقرآن، وقد تقرر أن تابع القرآن تابع للحجة، فكذلك تابع العترة من حيث هو تابع للقرآن وإلا أداء إلى أنهما قد افترقا وهو محال.

111 / 398
ع
En
A+
A-