فكيف تليها
والمشيرون غيب
فغيرك أولى
بالنبي وأقرب
ومن قوله فيه أيضاً -عليه السلام -أن الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم لا يصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم، ومنه أيضاً في هذا المعنى: ((اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم قطعوا رحمي وأكفئوا إناي، واجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري؛ وقالوا: ألا إن في الحق أن نأخذه وفي الحق أن نمنعه فاصبر مغموماً أو مت متأسفاً، فنظرت فإذا ليس لي رافد، ولا ذاب، ولا مساعد إلا أهل بيتي فظننت بهم عن المنية فأغضيت على القذا، وجرعت ريقي على الشجى، وصبرت من كظم المغيظا على أمَر من العلقم، وألم للقلب من حز الشِفار.
ومنه أيضاً، وقال قائل: إيه يا ابن أبي طالب إنك على هذا الأمر لحريص؛ فقلت: بل أنتم والله أحرص مني وأبعد وأنا أخص وأقرب، وإنما طلبت حقاً لي، وأنتم تحْولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه؛ فلما قرعته بالحجة في ملاء من الحاضرين بُهِت لا يرى ما يجيبني به.
ومنه أيضاً حتى إذا قبض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -رجع قوم على الأعقاب وغالتهم السبل، واتكلوا على الولائج، ووصلوا غير الرحم، وهجروا النسب الذي أمروا بمودته ونقلوا البناء عن رض أساسه فبنوه في غير موضعه.
ومنه أيضاً بعد ذكره للمواطن التي فرَّ عنها أبو بكر، وعمر، واعلموا رحمكم الله أن مَن أخفى الغدر، وطلب الحق من غير أهله ارتطم في بحر الهلاك، وصار بجهله أقرب إلى الشك والإشراك، والله يقول سبحانه: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الأنفال:15-16]. فاغضبوا رحمكم الله على من غضب الله عليه.
وقال -عليه السلام-: فنقضوا عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - وخالفوا إلى غير فعله في أخذهم فَدَكاً من يد ابنته، وتأولوا ما لم يعلموا معرفة حُكمِه، وقال كذب المفترون وضل الكاذبون على الله وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضلالاً بعيداً بل الله يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخير من دونه، وهو اعلم حيث يجعل رسالاته ويهدي لنوره من يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لأمره ؛ وقد اختار الله طالوتاً واصطفاه ووكله بأمره، فمن أطاعه ظفر ومن عصاه كفر فاعتبروا به فلكم فيه معتبر.
وقال عليه السلام: عندما بايع الناس لأبي بكر، الحلمُ خير والتقي ذين [بياض ص8]والمورد القيامة، والحجة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم -شقوا رحمكم الله متلاطمات أمواج بحار الفتن بسفن النجاة وعرجوا عن سبل المنافرة، وحطوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح، ماءٌ أجِنُ، ولقمة يغص أكِلُها ومجتنى الثمرة في غير وقت نضاجها كزارع في غير أرضه، والله لو أقول ما اعلم لتداخلت أضلاع قوم تداخل أسنان دواره الرخا وإن أسكت يقولوا جزع ابن أبي طالب من الموت هيهات هيهات، والذي فلق الحبة، وبرأ النَسمة لعلي سر بالموت من الطفل لثدي أمه ولاكني اندمجت على مكنون علم، لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة رواه أبو الحسين أحمد بن موسى الطبري؛ ولما أنكر عليهم عمار بن ياسر رحمه الله ضربوه وأنكر سلمان الفارسي رحمه الله فوجؤا عنقه حتى خفض إلى الأرض فخرج سعد بن عبادة غاضباً إلى الشام بعد أن عوفي من مرضه الذي كان به في حال بيعتهم لأبي بكر حتى كان من أمره ما كان، وهرب بلال بن حَمامة، حتى مات بالشام، والذين كرهوا بيعة أبي بكر وأنكروها غير بني هاشم فيما بلغنا من المهاجرين والأنصار هم خالد بن سعيد بن العاص، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي، وأبو بريدة الأسلمي، وعمار بن ياسر وسعد بن عبادة، وقيس بن سعد بن عبادة، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأبو الهيثم بن التيهان، وسهيل بن حنيف، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري وهو خالد بن زيد صاحب منـزل رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم –وقيل كان فيمن تخلف عبد الله بن مسعود وحذيفة، وتخلف علي –عليه السلام –عن البيعة ولم يروا عن أحد من بني هاشم أنه حضر السقيفة أو بايع، وهؤلاء المتخلفون هم خيار أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم.
وروينا عن أبي القاسم من كتابه (المعتمد) عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول خرجت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على علي -عليه السلام -في بيت فاطمة - عليها السلام -وعنده المهاجرون.
قلت: ما تقول يا علي.