فسار أبو بكر مع علي؛ فلما كان يوم النحر، قام علي عليه السلام، فأذن بالناس، وقرأ سورة براءة، وقيل قراءها يوم عرفه؛ وكان ينادي: ((لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعهده إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فعهده أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد عامنا هذا مشرك.
فقالت قريش: نبراء من عهدك وعهد بن عمك.
وهذه روايتنا من كتاب: (التهذيب) في التفسير، وصاحبه كان وقت تأليفه: معتزلياً، لا زيدياً.
وقد روى حديث براءة في مسند ابن حنبل، وفي صحيح البخاري، وفي تفسير الثعلبي، وفي الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدلي، وهو مما ظهر واشتهر بين الأمة، ونحن نروي ذلك عن هذه الكتب، فهو عليه السلام اختيار الله تعالى أولاً، واختيار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثانياً.
فهل ترى من عزله الله تعالى، ولم يقمه مقام أمير المؤمنين عليه السلام بالقيام بأداء آيات قليلة يكون أولى بالإمامة، ممن اختاره الله تعالى ورسوله، وقدمه الله عليه ورسوله، ويكون -باختيار خمسة بل أقل- قائماً مقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم - وفي القيام بأمر الأمة كافة، معاذَ الله ما كان لهم أن يختاروا غير من اختاره الله تعالى، فيؤخروا ما قدَّم الله تعالى، ويقدمو ما أخر الله تعالى، وهو يقول عز من قائل: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}[القصص:68].
|
وهو الولي يا هذا السامع |
مؤتي الزكاة المرء وهو راكع
للقوم هل ثم دليل قاطع
أما قولنا هو الولي: فنريد بذلك قول الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة:55]، فإن الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام فسماه الله تعالى فيها بأسماء، وهو أنه ولي المؤمنين، ومؤمن على القطع، ومصل ومزك على القطع، ومزك في حال الركوع؛ هذا على القطع فيه من غير شرط، وغيره إذا جرى عليه ذلك فعلى ظاهر الإسلام، ونحن نتكلم من هذه الآية والإستدلال بها على إمامته عليه السلام في أربعة مواضع:
أحـدها: أن علياً عليه السلام المراد بها دون غيره.