ولكنهم قد خانهم فيه مولد
فمن لم يعدده فإني معدد
والذي يدل على صدق هذا؛ إنك لا تقدر على ذكر عُلو في الدين والإسلام، ألا وهو فيه علي، وأعلى من غيره؛ فكأنه لا سهم لأحدٍ كسهمه في ذلك بعد الرسول –صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما قولنا أنه اختيار الله تعالى دون خصمه، وما يتعلق بذلك من تبليغ سورة براءة، وأنه أذان الله دون خصمه؛ فنريد بذلك قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ}[التوبة:3].
قال عليه السلام في بعض خطبه: أنا أذان الله تعالى في الدنيا، والسبب في ذلك أن الله تعالى عزل أبا بكر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسله فجاء جبريل عليه السلام بأن الله تعالى يقول لك: لا يؤديها إلا أنت، أو رجل منك؛ فكتب لعلي عليه السلام، وولاه ذلك وعزل أبا بكر.
ومن كتاب الحياة لإسحاق بن أحمد بن عبد الباعث رحمه الله تعالى قال: وأنزل الله تعالى سورة براءة، وأمر رسوله أن ينفذ بها إلى مكة، فأرسل بها أبا بكر، فلما فصل من المدينة بها نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لا يودي عنك سورة براءة إلا رجل منك، وأنت منه فقال له: ومن ذلك.
قال: علي عليه السلام.
وروينا بالإسناد الموثوق به: أن سورة براءة لما نزلت في سنة تسع أمر [59 - ج ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر إلى مكة ليحج بالناس، ودفعها إليه ليقرأها عليهم؛ فلما مضى بها أبو بكر وبلغ ذا الحليفة، نزل جبريل إلى النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-: وأمره أن يدفع براءة إلى علي عليه السلام، ليقرأها على الناس؛ فخرج علي عليه السلام على ناقة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم العضباء، حتى أدرك أبا بكر بذي حليفة، فأخذها منه فرجع أبو بكر.
فقال: يا رسول الله هل نزل فيَّ شيء.
قال: لا، ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني.