بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، الحمد لله الذي جعل الإمامةذروة للدين، وسناماً وصلاحاً لآراء العالم ونظاماً، وناط بها قواعد من الشرائع وأحكاماً، وجعلها للنبوة الهادية للخلق إلى الحق ختاماً، ولشرعة سيد الأنام -الفاصلة بين الحلال والحرام- تكلمة وتماماً، والصلاة المتبعة إكراماً وسلاماً على أشرف البرية ومن كان للرسل إماماً، وعلى عترته الذين ما زالوا لشرعته حفاظاً وقياماً، وعلى أصحابه الذين وفوا بنصرته وشمروا الساق في طاعته أزماناً وأعواماً، وفزعوا إلى نصب من يخلفه في أمته ويتحمل أعباء شرعته قبل مواراته في حفرته إجلالاً لأمر الرئاسة الدينية وإعظاماً، وبنوا لها  بمسيس الحاجة إليها واهتماماً.

وبعــد: فإنَّه لم يزل بعض أهل الولع بالتحقيق في العلوم الدينية، ومَنْ هَمه في سلوك منهج التدقيق يسألنا إملاء نبذة في مسألة الإمامةشافية، وبما أراد من تنقيح معانيها وافية، وكلما اعتذرنا عن ذلك بما نحن فيه من الشواغل المستغرقة للأذهان على مر الزمان في كل مكان لم يزدد إلا مبالغة في طلب الإسعاد، والتماس الإسعاف إلى ذلك المراد، فلم نَرَ إلاَّ الإجابة وعدم الابتعاد، وإن كانت الأوقات مشغولة والقلوب من كثرة المشاق معلولة، وأيدي الأنظار المحررة مغلولة، فإعانة الله سبحانه وتعالى مأمولة، وإياه نسأل أنْ يثبتنا في الورد والصدر، وما نأتي وما نذر، وأن يوفقنا لإصابة الصواب، ويعصمنا عن الزيغ والارتياب، ونحن نأتي من أصول مسائل الإمامة  وفروعها، بما اقترح السائل ذكره والتمس تحقيقه وصدره، ورام منا إيضاحه ونشره، ما سُبِقنا إليه وما لم نُسْبَق، وما حقق في غير إملائنا وما لم يُحقق، حسب ما يدخل في حيز الإمكان، والله تعالى المستعان، مع التزام الانصاف والاغتراف من المورد الصاف، ورفع التعصب بالكلية، فليس لنا بمذهب، وليس وراء الله للمرء مطلب.

 

 

القول في حقيقة الإمامة وبيان ماهيتها

أما لغة فقيل:القاضي عبد الله الدواري   : الإمام المتقدم على غيره في أمر من الأمور على حد يقتدي به فيه، ومنه إمام الصلاة سواء كان مستحقاً لذلك أو غير مستحق، في هدي أو ضلال، وعلى الأول قوله تعالى: {واجْعَلْنا لِلمُتَّقِيْنَ إمَامَاً} [الفرقان:74]، وعلى الثاني: {وجَعَلْنَاهُمْ أئِمَّةً يَدْعُوْنَ إلى النَّارِ} [القصص:41]، وقيل: المقتدي به في خير أو شر، ويجمع ذلك قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ} [الإسراء:71].

والتحقيق أنَّ الإمام لغة مأخوذ من (أَمَّهم)، و(أم بهم) إذا تقدمهم، وأنه أيضاً الذي يقتدي به، ذكر المعنى الأول في (القاموس) والآخر في (الصحاح)، ولا يُزاد على هذا.

وحيث حصل المعنى أُطْلق اللفظ، فلا يحتاج إلى ذلك التفصيل، والإمامة صفة الإمام ووظيفته، وهو كونه يقتدى به وكونه متقدماً.

وأما اصطلاحاً فقيل الإمام (يحيى بن حمزة): رئاسة عامة لشخص من الأشخاص بحكم الشرع.

 وقيل: (عبد الله بن حسن الدواري)  : رئاسة على كافة الأمة، في الأمور الدينية والسياسية، على حد لا يكون لأحد عليه طاعة في ذلك، ولا لأحد معه.

41 / 331
ع
En
A+
A-