مقـدمـة

جرت عادة الأصحاب بذكر الإمامة في كتب علم الكلام، وفي أصول الدين، وعُدّت في بعض كتبهم أحد الأصول الخمسة، وليس لذلك وجه يظهر فإنها مسألة فروعية، وباب من أبواب الفقه بين علمي وعملي، وليس ينبغي أن يعد من فن الكلام إلا ما كان علماً بالله عز وجل، ذاته، وصفاته، وأفعاله، وأحكام أفعاله، والذي ينبغي أن نعتذر به لهم في ذلك وجهان:

أحدهما: أنَّها مسألة قطعية لا يؤخذ فيها إلا بالعلم اليقين والأدلة والبراهين، فألحقت بالفن الذي هذا حاله وهذه صفته.

وثانيهما: إظهار الاهتمام بهذه المسألة وتعظيم شأنها، وإنزالها من القلوب بمنزلةٍ رفيعة، إذ هذا الفن أجل الفنون، فكل ما أدخل فيه وألحق به انسحب عليه حكمه، والعذر الأول لا تعويل عليه ولا التفات إليه، ويستنكر من أن يلحق بعلم الكلام كل مسألة قطعية من الفروع وأصولها وغيرها.

وأما العذر الثاني: فعذرٌ حسن، وأحسن منه أنَّ الإمامةلما كانت خالفة النبوة، وقائمة مقامها، وبدلاً منها، حتى قضت الحكمة برفعها، وكانت النبوة من فن الكلام، وباب من أبواب كتاب العدل منه، ذُكِرَتْ في الفن الذي تذكر النبوة فيه، لكنه لما لم يكن لها تعلق بباب العدل ولا غيره من أبواب فن الكلام أُخِرّت وذُكِرَت بعد فراغ ذلك الكلام على أبواب ذلك الفن، وحُذِي بذكرها فيه حذو ذكرها في فن الفقه حيث تذكر في آخره، والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

 

 

 

 

 

40 / 331
ع
En
A+
A-