الثاني: أن أهل الدرجة الأولى من الثلاث رويت فيهم أخبار نبوية دلت على فضلهم، ولم يرد فيمن [بعدهم] بيان ما ورد فيهم.

الثالث: إنا وجدنا كل درجة بمن قبلهم تقتدى، وبهدي من سبقها تهتدي.

الرابع: إنَّا سبرنا علومهم وخبرنا مصنفاتهم فوجدنا كل درجة تشهد لمن سبقها، حتى أن مصنفات الآخرين إنما هي أقاويل المتقدمين، وتخريجات على نصوصهم، وقياسات على أصولهم.

الخامس: أنَّ الفضل متزايد بتزايد الأعمال الصالحة، ووجدنا كل درجة زادت على من بعدها في المشاق الجهادية والأمور الدينية، ومن عرف سيرتهم وجد ذلك في علمه هذا، وقد اشتركوا في فضل الإمامة وازدحموا في محل الولاية والزعامة، وترديهم بمطارفها وأثوابها، وقبض كل واحد منهم من خلال الكمال على نصابها، واعتلائهم الجميع من الولاية والزعامة فوق ركابها.

 وتنـزيلهم على هذه الدرجات الثلاث إنما هو حكم في الظاهر، والعلم بالباطن يختص به الملك القادر، إذ مقادير الثواب على الأعمال لا يحيط بها إلا الملك المتعال، فهو عالم السر وأخفى، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، وهذا حين انتهى فيه الكلام إلينا، وتعين البيان والبرهان علينا، وإنا لله وإنا إليه راجعون فلقد تحملنا طوداً عظيماً ثقيلاً، وحملنا من الأمور هولاً مهيلاً، وامتطينا من أعباء الورى ما يهد الشناخيب المنيفات الذرى

إنَّ الإمامة أمـرها مائل خطر

 

صـعب مسالكها وعـر مراقيها()

[بيان حال الإمام المؤلف مع تواضع من غير إخلال]

واعلم أرشدك الله وإيانا: أنه كفانا إثماً ومقتاً أن نحب أن نحمد بمالم نفعل، وأن نثاب ونجازى على مالم نعمل، فنحن لا ندعي الإحاطة بما أحاط به آباؤنا من الخصال، ولا بلوغ ما بلغوا من أفعال الكمال، وأين وميض السها من صفا الهلال؟‍! بل أين الباع الوزي() من الشناخيب() الطوال، قال عليه السلام :

وابـن اللبون إذا ما لزَّ في قرن

32 / 331
ع
En
A+
A-