ثقـلان
لـلثقـليـن نـص مـحمد
ولأمرٍ عَظيم، وشأنٍ جسيم، قَرَنَهم أبوهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن العزيز، وجعلهم عدله في حديث الثقلين، فكما أنَّ الكتاب حقٌّ فالعترة حق، والنبي الكريم حكيم [لا ينطق عن الهوى إنْ هو إلاَّ وحيٌ يُوحَى]، فهو لا يوصي أمته المرحومة، ويحثها على التمسك بالكتاب والعترة، إلا لكون الكتاب حق، والعترة مع الحق لا يفارقونه، وهو لا يدل أمته إلا على سبيل رشادها، وما فيه سلامتها يوم معادها، فهو الناصح الأمين، وما زالت العترة النبوية منذ فجر الإسلام في هدي للعباد، ودعا إلى سبيل الرشاد، لتبيين الدين الحنيف، وتزييف وجهاد للباطل السخيف، -أولهم بعد نبي الرحمة وكاشف الغمة صلوات الله عليه وعلى آله- الوصي الأنزع البطين، ثم الامامان السبطان: الحسن والحسين صلوات الله عليهما، وخلفهم أولادهم الأئمة الهداة، حموا دين أبيهم تارة بالمرهفات الحداد، والسواعد الشداد، وأخرى باللسان، فكم لهم من مقام تحار فيه الألباب، وتجندل فيه الأبطال، وتقط فيه الرقاب، وكم لهم من أنظار في العلوم سديدة، ومؤلفات ورسائل حميدة، قارعوا فيها الخصوم بأدلة أشد وقعاً من النبال، وأمضى من البواتر في رد شبه أهل الضلال:ـ
لهُمـو من التصـنيف ألـف مصنف |
مـا بين
عـلم سابـق ومـجدد
فما من فنٍ من فُنون العلم إلا وقد خاضوا غماره، وفجروا بأنظارهم الموفقة أنهاره، وجنوا بصافي أفكارهم ثماره، فها هي دعوة المصطفى قد شملتهم:ـ
والـمصطفى قـال إن العلم في عقبي |
فـاطلبه
ثَـمَّ وخلِ الناصب القالـي
قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((اللَّهُمَّ اجعلِ العلم في عقبي وعقب عقبي..)) الحديث، دعوة مقبولة غير مردودة استجابها رب كريم، فزخرت ينابيع علومهم عذباً فراتاً، واستخرجوا من مغاصات يعبوبهم درراً فصارت للطالبين كعبة وميقاتاً، ولمَّا أن يسَّر الله -وله الحمد- تسهيل النشر بالطبع والاخراج، بعد أن كانت تلك المؤلفات في بطون الأدراج، برزت تلك العقائد كأنَّها الشمس الضاحية في وسط النهار، فحصل بذلك الهداية للبادين والحضار، وانتفع بها أهل النُّهى والأفكار، أما من عَندَ عن الحق ونكص على عقبيه فإلى دار البوار.