واعلموا رحمكم الله: أنَّ لكم علينا خلالاً ما وفيتم بخصال:
لكم علينا المودة والموالاة في الله تعالى ما أقمتم على طاعة الله تعالى، ولكم المواساة في مال الله تعالى ما جاهدتم في سبيل الله تعالى، ولكم علينا الحياطة في دينكم ودنياكم ما عرفنا نصيحتكم وامتثالكم، ولكم علينا الصيانة والإنصاف والإحترام ما وفيتم بالحقوق الواجبة عليكم في الإسلام، ولكم علينا المدافعة والممانعة عنكم ما علمنا السريرة الصالحة منكم، ولكم علينا الوقاية بأرواحنا، والحماية لكم بحسب استطاعتنا، والإيثار على أنفسنا فيما ساغ لكم ولنا، ما امتثلتم لأمرنا، وانسبكتم في قالب طاعتنا، وانخرطتم في سلك نظام نصرتنا، وتقلدتم قلائد رأفتنا، وعددتم في جماعتنا وجمعتنا، وتحليتم بحلى مودتنا ونصيحتنا.
وإن وفيتم وفينا فيما وعدنا، وزدنا ثم زدنا ثم زدنا، وذلك كما أوجبه الله تعالى علينا ولنا، وأمرنا به الجميع وألزمنا، فهلموا رحمكم الله لنشد من الدين أعضاده ونبني أركانه، ونعمر() مناره، ونشيد بنيانه، ونعظم شأنه، ونعلي مكانه، ونقطع أطناب الضلال، ونهد أوتاده ونهد أركانه، ونفت أعضاده ونخرب بنيانه، ويلبس أطواده، وتعصم أعضاده، وتمزق أجناده، قال تعالى: {وقَاتِلُوهُمْ حَتى لا تَكُونَ فِتْنة ويكون الدِّيْنُ كله لله} [البقرة/193] وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((مَنْ أهان صاحب بدعة أمنه الله تعالى يوم الروع الأكبر)) ().
اللهم إنا دعوناهم إلى طاعتك، ونصرة دينك، والجهاد في سبيلك، والتعاون على أعدائك، ومظاهرة أوليائك، اللهم اشهد وكفى بك شهيداً بَأنا بلغنا ما ألزمتنا، وامتثلنا إذ أمرتنا، وتجردنا لما أردت منا، اللهم إنا دعونا عبادك إلى الجهاد دعاءً لازماً، وألزمناهم بالإسراع إلينا إلزاماً جازماً، اللهم خذ بأزمتهم إلى الحق أفواجاً، واجعل الحق لنا وبنا سراجاً.
ثم إن أحب الناس إلينا، وأرفعهم لدينا، وأقربهم منا وأرغبهم فينا مراداً من إذا غفلنا ذكَّرنا، وإذا هممنا حذَّرنا، وإذا خلونا وعظنا، وإذا نصحنا خوَّفنا، وإذا جهلنا عرَّفنا.
اللهم إنا نسألك وزرآء مؤمنين، وجُلساء علماء صالحين، وأُمراء حلماء ناصحين، وعُمَّالاً نرضى أعمالهم، ورعيةً تقبل أفعالهم وأقوالهم، اللهم إجابة منك دائمة، وعصمة من لديك مانعة عاصمة، وإعانة من فضلك لازمة باقية، يا إله العالمين يا أرحم الراحمين.
ثم إنا مطالبون من بلغته دعوتنا، وسمع نداءنا، وعلم قيامنا، بتسليم الحقوق الواجبة في الأموال؛الزكاة والأخماس وبيت المال، وذلك لقيامنا مقام جدنا صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث تجردنا للأمر بالمعروف الأكبر، والنهي عن الفحشاء والمنكر، وانتصبنا لنصرة الدين ومباينة الظالمين، وسد الثغور، ورفع المظالم، وإجراء الأحكام على سننها، فمن هنالك ثبتت لنا الولاية، ووجبت لنا الموالاة، ولزم كل أحد ممن دعونا طاعتنا، ونصرتنا، وامتثال أمرنا.
وبالله العظيم ما أَسْرَعْنا إلى هذا الأمر ولا سبقنا إليه ولكن حُمِلْنا عليه، والحامل على ذلك هو الدلائل الواضحة، والآيات المبينة الراجحة، وإطباق المؤمنين، وقطعهم بالوجوب علينا، ورميهم لنا عند الإخلال بالضلال والإضلال، ثم قد أذنا لأهل الأموال التي فيها الحقوق الواجبة بتسيلمها إلينا، وصرف ربع ذلك إلى ذي الفاقة الفقراء، من الأيتام، والأرامل، والضعفاء، والمساكين، وابن السبيل، والسائلين من المسلمين {(قُلْ هَذهِ سَبِيْلِي أدْعُو إلى اللهِ على بَصِيرةٍ أنَا ومَنِ اتَّبعنِي وسُبْحانَ اللهِ ومَا أنَا مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ} [يوسف/108] .
قال عليه السلام :
بسم الله الرحمن الرحيم