وجرى في ذلك اليوم -أي في يوم دخول الهادي والمهدي عليهما السلام صعدة- التسليم من المهدي للهادي، وأشهد على نفسه بذلك جماعة من الفضلاء منهم السيد أحمد بن علي بن داود بن يحيى بن الحسين، والفقيه محمد بن صالح الآنسي ... إلـخ..
روى ذلك الإمام عزالدين عليه السلام ، عن حي والده السيد الأفضل الحسن بن أمير المؤمنين، وعن غيره كالإمام المطهر بن محمد بن سليمان عليه السلام ، إلا التسليم فلم يروه له المطهر وروى التواطيء عليه أهـ.
قال الإمام عزالدين عليه السلام : فلم يزل الهادي والمهدي مصطحبين، متواصلين، متجاملين، متراحمين، تدور بينهما الكتب والمراسلات، والمهدي في ذلك كالمتنحي وإن لم يظهر ذلك، ورفع يده عن التصرفات، وترك التلقب بأمير المؤمنين، وطوى ذلك من علامته، وإذا عرض عليه أحد ممن قد أجاب الهادي عليه السلام وبايعه أن ينحرف إليه كره ذلك وأباه ...إلـخ كلام الإمام.
قال الإمام عزالدين عليه السلام : وكان يعطي الوافدين، ويتفقد أحوال المجاهدين، ويسد خلات الأيتام والأرامل والمساكين، ويُوغر صدور المعاندين، حتى أتاه اليقين، فتوفى وقد حاز اللحوق من حميد سعيه بالأئمة الراشدين.
وكانت وفاته عليه السلام في ليلة الجمعة المفتر عنها صباحها يوم عاشوراء من محرم سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ويقال أن مولده وقيامه كان مثل ذلك الوقت الذي تُوفي فيه، وأما موضع قبره فإنه دفن في يماني مسجده الذي كان ابتدأ تأسيسه بأعلى فلله، وكان شمسياً، فلما مات عليه السلام أكمل عمارته ولده شرف الإسلام الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام بأمر الإمام المهدي عليه السلام .
ولما توفى الهادي عليه السلام عزّى المهدي عليه السلام أولاده فيه وتألم لذهابه وكتب في أول التعزية: {نَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم:96].
أولاده عليه السلام : المؤيد، ومحمد، والحسن، وأحمد، وصلاح، والمهدي، وإبراهيم، وداود، وأبو القاسم، والحسين، رحمهم الله جميعاً.
الإمام المؤتمن المحيي لما اندرس من الفرائض والسنن الهادي إلى الحق القويم عزالدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد بن جبريل.