فإنْ قلتم: حصل له العلم بالطبع.

فنقول: هل هو عالمٌ لذاته، فتلك من صفات الباري ـ جل وعلا ـ التي لا يشاركه فيها مشارك، وكيف يجوز ذلك في أحدٍ سواه، وقد أمر نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم أن يقول: ]قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ والأرْضِ الغَيْبَ إلاَّ اللهُ[ [النمل/65] فنفى بذلك علم الغيب عن غيره، وأمر نبيه بالإعتراف بالقصور عن نيل ذلك، وهو صلى اللّه عليه وآله وسلم أعظم حالاً وأرفع شأناً، فقال عز قائلاً: ]ولَوْ كُنْتُ أعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ[ [الأعراف/188] وإن أرادوا أنه خلقه عالماً بجميع المعلومات فذلك مستحيل لأنه إذا استحال علمه لذاته كان لا بد من أمر لأجله علم.

وإذا قالوا: نعم ذلك الأمر من الله.

قلنا: هل بوحي بواسطة جبريل؟ فإن قالوا: نعم. أتوا بما لا يستطيعون إثباته بحجة تدل عليه، وخالفوا المعلوم بين الأمة من انقطاع الوحي بموته صلى اللّه عليه وآله وسلم. وإن قالوا بإلهام. قلنا: هذا بعيد، ولا يصح ولم يدع هذا أحد من أئمتكم، وإنما ادعيتموه أنتم وغررتم أنفسكم بمثل هذا، وأيضاً فإن الذي كلفنا الله بمعرفته نوعان: قطعي وظني، فأما القطعي فهو إما عن نص صريح متواتر أو إجماع كذلك أو قياس قطعي، وهذا لا يحتاج فيه إلى إمام ولا إلى معصوم بل تدركه العقول مع حصول العلم اليقين بأحد هذه الطرق، وأما الظني فلا وجه لإعتبار الإمام والمعصوم فيه، ثم يقال لهم: أين هذا الإمام المعلم الذي نأخذ معالم ديننا ودنيانا عنه، وقلتم أنه لطف في أداء الواجبات واجتناب المقبحات أحد عشر قد ماتوا وانقطعت مواصلتهم ولقاؤهم، والثاني عشر ليس له وجود ولا يعرف له في الدنيا خبر ولا أثر.

ومنها ما ساقه من الكلام في الدليل الرابع حيث قال: الدليل الرابع: قوله: ]أطِيْعُوْا اللهَ وأطِيْعُوْا الرَّسُوْلَ وأُوْلِي الأمْرِ مِنْكُمْ[ [النساء/59] قال حيث دلت على وجوب طاعة أولي الأمر كطاعة الرسول، إلى أن قال: فيجب أن يكون أولو الأمر الذين أمر الله بطاعتهم مثل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في عدم صدور الخطا والنسيان والكذب والمعاصي ومثل هذا لا يكون إلا منصوصاً من قبل الله تعالى العالم بالسرائر كما في النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم  اهـ.

95 / 203
ع
En
A+
A-