فهذه أدلتهم وهي كما ترى واهية العرى.

وأقول: أنه إن أراد الإحتجاج على ذلك بالعقل فلا مجال للعقل في ذلك، وأما كون الإمام لطفاً أو أن فائدة نصبه وقيامه لحسم مادة الفتن فالعقل يصحح ذلك ولا يحتاج إلى أن يكون معصوماً، وأما أنَّ حال الإمام كحالة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فلا يحكم العقل بذلك بل يحكم بخلافه، لأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مبلغ عن الله تعالى فوجب عصمته لأجل الوثوق بما يؤديه عن الله تعالى من الشرائع، والإمام ليس كذلك، وإن أراد الإحتجاج بالقياس فلا يصح مع أنهم لا يرون القياس حجة فليس لهم حجة على دعواهم هذه لا من عقل ولا نقل وكل ما لا حجة عليه وجب بطلانه، أما الطوسي صاحب التجريد هو وصاحب شرح التجريد فقد استدلا على عصمة الإمام بأنه لولم يكن معصوماً لزم التسلسل، والثاني باطل فالمقدم مثله وبيان الشرطية أن المقتضي لوجوب نصب الإمام هو تجويز الخطأ على الرعية فلو كان هذا المقتضي ثابتاً في حق الإمام وجب أن يكون له إمام آخر ويتسلسل أو ينتهي إلى إمام لا يجوز عليه الخطأ.ا.هـ

وهذا باطل لأنا لا نسلم أن المقتضي لوجوب نصب الإمام هو تجويز الخطأ على الأمة، لأن المقتضي لوجوب نصب الإمام هو إما الدليل الشرعي لمصلحة علمها الله في وجوب نصب إمام، أو الدليل العقلي والشرعي فليس المقتضي ما ذكره على أن تجويز الخطأ على الرعية إن أراد كل الأمة فهذا خلاف ما اتفق عليه المسلمون، وقامت عليه الدلالة القطعية من أن الأمة لا تجمع على الخطأ، وإن أراد وقوع الخطأ من بعضهم فقد وقع الخطأ في عهد رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم ولم يكن عاصماً لهم عن الخطأ :]وِمِنْ أهْل الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ[ [التوبة/101]، فليس الإمام بأعظم من رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا أجل قدراً منه، وبهذا يبطل دعواهم أن إمامهم يعلم الغيب فكيف يقول الله تعالى لرسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم :]لا تَعْلَمُهُمْ[ وهم يدعون أن إمامهم يعلم الغيب، هذا وليس المراد التعرض لنقض مذهبهم، وإنما المراد بيان العصمة وتوابعها، وإنما الحديث يجر بعضه بعضاً، وقد قدمنا أن الأربعة علياً والحسنين وفاطمة ـ عليهم السلام ـ معصومون، وقلنا: أن جماعة العترة معصومة وأن إجماعهم حجة، وكذلك الأمة المحمدية لا تجمع على خطأ وإجماعهم حجة، وكذلك أنبياء الله ورسله ـ صلوات الله عليهم ـ معصومون وكذلك الملائكة ـ صلوات الله عليهم.

 واعلم أن العلامة نصيرالدين صاحب التجريد اختار أن العصمة لا تنافي القدرة، قال الشارح: بل المعصوم قادر على فعل المعصيةـ وإلا لما استحق المدح على ترك المعصية ولبطل الثواب والعقاب في حقه فكان خارجاً عن التكليف وذلك باطل بالإجماع، وبالنقل في قوله تعالى: ]قُلْ إنّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إليّ[ [الكهف/110] هذا نص شارح التجريد العلامة الحلي وهو كلام جيد يوافق كلام أئمتنا المذكور سابقاً، هذا ونسأل الله الهداية والتوفيق والعصمة والتسديد وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

متى نشأ مذهب الإثنى عشرية السؤال الثالث

82 / 203
ع
En
A+
A-