من هم المعصومون السؤال الثاني
ما هو تعريف العصمة عند الزيدية؟ و من هم المعصومون؟
الجواب والله الموفق: أنّ العصمة في أصل اللغة مأخوذة من العصم وهو المنع من الوقوع في الأمر المخوف، قال الله تعالى:]لا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أمْرِ اللهِِ إلاَّ مَنْ رَحِمَ[ [هود/43] ومنه تسمية وِكَاءِ القربة عصاماً لمَّا كان يمنع الماء عن الخروج، ومنه سُمِيَ الوعل عصم لمنعه نفسه بالسكون في روؤس الجبال، وهي في الإصطلاح: اللطف الذي يترك المكلف لأجله المعصية لا محالة مالم يبلغ حد الإلجاء، وقال قاضي القضاة عبدالجبار بن أحمد ـ رحمه الله ـ في حدها هي عبارة: عن الأمر الذي عنده لا يفعل المكلف القبيح على وجه لولاه لاختاره من حيث امتنع عنده ولأجله واستعمل ذلك في الشر لا في الخير لا من حيث اللغة ولكن للإصطلاح، ثم قال: وكلا الوجهين يوصف بأنه لطف.اهـ.
وحيث قد ذكرنا اللطف والإلجاء فلنتكلم على طرف من أحوالهما، فاللطف هو: ما عنده يختار المكلف ما كلفه، ولولاه لكان يخل به فما علم ذلك من حاله وصفناه بأنه لطف، وقد يقال اللطف ما يكون المكلف عنده أقرب إلى فعل ما كُلِفَ به أو يكون فعل ما كُلِفَ أسهل عليه وأقرب إلى وقوعه منه، وسواء في ذلك الفعل والترك لأنَّهَا تكاليف، ولا غرض لنا في تقسيم اللطف ولا في بيان الإختلاف بين العلماء هل هو واجب على الله تعالى كما هو رأي الإمامية والمعتزلة، أم لا كما هو رأي أئمتنا عليهم السلام.
واعلم: أن المعونة من الله للمكلفين والتوفيق هي واللطف من وادٍٍ واحدٍ، وليست المعونة خلق الله القدرة والآلة للمكلف فقط بل هي أمرٌ زائدٌ على ذلك، وهو أنْ يقصد الله تعالى بخلقه لذلك أن يختار المكلف الطاعة ويترك المعصية فمتى فعله على هذا الوجه وصف ذلك بأنَّه معونة، ألا ترى أن مَنْ أعطى غيره سيفاً قاطعاً وقصد أن يجاهد به في سبيل الله وصف بأنَّه أعانه على الجهاد وإنْ كان السيف يصلح لقتل نفسه ولقتل المسلمين، ولا يوصف بأنه أعانه على ذلك لعدم القصد والإرادة لذلك، وأما التوفيق فإذا صادف إختيار المكلف للطاعة والإمتثال لأوامر الحكيم زاده الله هداً وتوفيقاً، ]وَالَّذِيْنَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدَىً[ [محمد/17].