فإنها وردت إلينا سؤالات طلب موردها كشف نقابها وإيضاح جوابها ويظهر من حال السائل أنَّه طالبٌ للرشاد وسالكٌ في مسالك الرواد، وقد طلب الحق مُبَرْهَنَاً وسأل التحقيق مُبَيَّنَاً، وقد تصديت للجواب بحصيلة ما عندي نزولاً عند رغبته لَمَّا منحني ثقته، وقد جمعت السؤالات المتفرقة وضممت كل فنٍ إلى فنه، فجمعت ما يتعلق بالإمامات إلى السؤال الأول ليتصل البحث على نسقٍ واحدٍ، وهذا أوان الشروع، ونسأل الله المعونة، قال السائل شرح الله صدره لقبول الفوارق بين المذهبين السؤال الأول

ماهي الفوارق بين المذهبين الزيدي والإثنى عشري؟

الجواب والله الموفق: أنَّ الفوارق واضحةٌ وجلية ولِمَيلنا إلى الإختصار فلنبين مَنْ هو الزيدي وبمعرفته يتميز عن غيره  (وبضدها تتبين الأشياء) فاعلم وفقني الله وإياك: أنَّ الزيدية هي الفرقة المحقة الناجية أتباع الإمام الأعظم الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والتسليم، وإنما سُميت الزيدية زيدية لموافقتهم لإمام الأئمة زيد بن علي u في التوحيد والعدل والإمامات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخروج على أئمة الجور، كما قال الإمام المهدي لدين الله محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن ـ النفس الزكية ـ عليهم السلام: أما والله لقد أحيا زيد بن علي ما دُثِرَ من سنن المرسلين وأقام عمود الدين إذ اعوج ولن ننحو إلا أثره، ولن نقتبس إلامن نوره، وزيد إمام الأئمة، وأول من دعى إلى الله تعالى بعد الحسين بن علي ـ uـ .أ.هـ.

أورده شيخنا المولى الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أسعده الله ونفع بعلومه، وقد أخرجه أبو طالب في أماليه(186)، وإذا عرفت هذا فالزيدي من قال بالعدل والتوحيد وأن علياً خليفة رسول الله والإمام من بعده ـ صلى اللّه عليه وآله وسلم ـ بِلا فصل وأنَّ الحسنين هما الإمامان بعد أبيهما، الحسن بعد أبيه والحسين بعد أخيه، ثم الإمامة في أولادهما محصورة وعلى غير البطنين محظورة من جمع شروط الإمامة المعروفة وقام ودعى ونابذ الظلمة وباينهم وباينوه وأخافهم وأخافوه وقال بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المخوف، وقال بالخروج على أئمة الجور، فهذا هو الزيدي، إذا عرفت هذا تميز لك الفرق بين المذهبين الزيدي والإثنى عشري، فالإمامية الإثنا عشرية يعتقدون ويدينون بأنَّ الإمامة في إثنى عشر إماماً، ويزعمون أنَّه منصوصٌ عليهم بأسمائهم، وهم علي والحسنان وعلي بن الحسين ـ زين العابدين ـ ومحمد بن علي الباقر ـ وجعفر بن محمد ـ الصادق ـ وموسى بن جعفر ـ الكاظم ـ وعلي بن موسى ـ الرضا ـ ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي العسكري، والمنتظر بزعمهم وهو محمد بن الحسن، هذا مذهبهم في الإمامة، وقد أفدناك أنهم يدعون أنهم منصوص عليهم بأسمائهم.

أما الزيدية فيقولون: بالنص على أمير المؤمنين علي وبالنص على إمامة الحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ أما من بعد الثلاثة المعصومين فقد قدمنا أنَّ مَنْ جَمَعَ الشروط وقام ودعى وجاهد الظلمة وجرد السيف فهو الإمام المفترضة طاعته الواجبة متابعته، وأدلة هذا القول مبسوطة في مؤلفاتهم الحافلة، وليس الغرض ذكر الأدلة، إنما الغرض الفرق بين المذهبين، وقد حصل، والفوارق غير ما ذكرنا كثيرة لم نتعرضْ لها تجنباً للإكثار، ولكونها واضحة عند أولي الأبصار، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين.

79 / 203
ع
En
A+
A-