إذا عرفت هذا، فاعلم أن اللفظة المشتركة يجب حملها على جميع معانيها الغير الممتنعة، عند تجردها عن القرينة وهنا أكثر المعاني ممتنعة عقلاً وسمعاً، لأن الركوب، والإستقرار، وإتمام الشباب، والإعتدال، وإستواء الأجزاء وغيرها، من خواص الأجسام والله تعالى ليس بجسم ولا عرض ولا يصلح هنا من معاني الإستواء إلا الإستيلاء، فيكون معنى الآية الكريمة: الرحمن على العرش استولى.
ونتبع ذلك بمعاني العرش لغة لتتم بذلك الفائدة:
فالعرش: بمعنى السرير قال الله تعالى: ]وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيْمٌ[ [النمل/23].
والبناء: قال تعالى: ]خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوْشِهَا[ [البقرة/259] قال بعض المفسرين خالية عن أهلِها على ما فيها من البناء، وكل ما يستظل به، يقال: خيم القوم وعرشوا ومنه عرش الكَرْم، قال الله تعالى:]هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنّاتٍ مَعْرُوْشَاتٍ[ [الأنعام/141] ويطلق على السقف: قال الله تعالى: ]فكَأيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَهِيَ خَاوِيَةٌ علَى عُرُوْشِهَا[ [الحج/45]([1]) أي على سقوفها، والسلطان والملك قال زهير:ـ
تـداركتمـا عبساً وقد ثُلَّ عـرشها