في الآية الكريمة:]الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى[ [طه/5] فهذه المسألة، والمسألة التي بعدها ـ وهو ما ورد في القرآن الكريم من ذكر الوجه والعين... إلخ ـ فقد جَمَعتُ هاتين المسألتين وأجبتُ عن الإشكالين وجمعت بينهما لكونهما توأمتين.

فأقول وبالله التوفيق: إعلم وفقني الله وإياك أنَّ القرآن الكريم مشتمل على الحقيقة والمجاز، ولانحتاج إلى تقرير هذا إستغناءً بما قد قرّرَهُ علماء البيان وجهابذة الأصولين، أمَّا من أنكر وقوع المجاز في القرآن فهو معاند وجاحد لما قد علم من مثل قوله تعالى:]وَاخْفِضْ لَهُمَا جنَاحَ الذُّلِِّ مِنَ الرَّحْمَةِ[ [الإسراء/24] وقوله:]وَاسْأَلِ القَرْيَةَ[ [يوسف/82]  وغير ذلك مما يطول.

وأول ما نبتدي به: قول الله جل جلاله:]الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى[  فنقول: إنَّ الإستواء في لغة العرب يطلق على معان كثيرة منها: الركوب قال تعالى: ]فإذا أستويتَ أنتَ ومن معكَ على الفلك.... الآية[ [المؤمنون/28] معناها: إذا ركبت، والإستقرار قال تعالى: ]وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُوْدِيِّ[ [هود/44]  أي إستقرّت والجودي جبل بالموصل، والقصد: قال تعالى: ]ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ[ [فصلت/11]  أي قصد. قاله إبن عباس، وإتمام الشباب: قال تعالى: ]وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى[ [القصص/14]  والإعتدال: يقال إستوى كذا وكذا أي إعتدلا، وتساوي الأجزاء المؤلفة: يقال استوى الحائط والخشبة، وبمعنى الإنتصاب يقال أستوى فلان قائماً أي إنتصب، وبمعنى الإستيلاء قال الشاعر:

       قـد استوى بـشرٌ علـى العـراقِ 

                                          مـن غـير سفكٍ لـدمٍٍ مهراقٍِ

63 / 203
ع
En
A+
A-