نقول: اتفق العقلاء أنَّ أفعالنا بِنَا تَعلق، والعلم بذلك ضروي، واتفق المسلمون أنَّ لها بالباريY تعلقاً، ثم اختلفوا فى تفاصيل ذلك، فالذى عليه أهل البيت عليهم السلام وسائر الزيديه والمعتزلة والقطعية من الإمامية والخوارج وأكثر الفرق أنَّا المُحدِثُونَ لأفعالنا، حسنها وقبيحها، وأنها غير مخلوقة فينا، وهذا معنى تعلقها بنا، ومعنى تعلقها بالباري سبحانه أنَّه أقدرنا عليها، أي خلق فينا قدرة يصح تأثيرها في إيجاد أفعالنا، أوجعلنا على صفة تؤثر في ذلك على حسب الخلاف، وذلك أنَّ بعضهم يجعل القدرة معنى، وبعضهم يجعلها نفس الصحة، وبعضهم يجعلها إعتدال المزاج، والأخيران هما المرادان بقوله أوجعلنا على صفة تؤثر في ذلك، وخالف فى ذلك المجبرة جميعاً، فقالوا هي من الله، ثم اختلفوا، فقال جهم بن صفوان وأصحابه لاتعلق لها بنا أصلاً، لاكسباً ولا إحداثاً، وإنَّما نحن كالظروف لها، وليس المحدث لها فى العبد الا اللهَ تعالى، كا لألوان وحركات الشجر، وجعلوا نسبتها للعبد مجازاً كنسبة الطول والقصر، وسوَّى فى ذلك بين المباشر والمتعدى، وقال ضِرار بن عمرو بل لها بنا تعلق من جهة الكسب، وإنْ كانت مخلوقة فينا من جهة الله تعالى، ولم يفرق بين المباشر والمتعدى، وبه قالت الأشعريه فى المباشر، وأمَّا المتعدى فالله منفرد به عندهم، قول ضرار حكاه فى القلائد والأساس عن النجارية، والكلابية، والأشعرية، وحفص الفرد، وأمَّا متأخروا الأشاعرة كالجوينى والغزَّالى والرازى وأبي إسحاق، فقالوا بل لقادرية العبد تأثيرٌ فى إيجاد المفعول، خلى أنهم جعلوا القدرة موجبة للمقدور، فلزمهم المبحث الثانيالمبحث الثاني في بيان البراهين والحجج والأدلة على مقالتنا

 اعلم أنَّ العدلية اختلفوا هل العلم بأنَّا الموجدون لأفعالنا، ضروري أم إستدلالي؟.

 فقال الأمير الحسين بن محمد u وابو الحسين البصري وابن الملاحمي ومن تبعهم واختاره المقبلي: العلم بذلك ضروري بديهي يعلمه حتي الصبيان، وعليه بنيت المعاملة والمدح والذم والتعجب، وسائر الأمور المتفرعة التى لاتكون إلاَّمع صدور موجبها، عَمن مُدِح أوذُمَّ أوتُعُجِّب منه، والعلم بهذه الفروع معلوم بالإضطرار، فكيف بأصلها؟

قال الأمير الحسين u: اعلم أنَّ كون العبد فاعلاً لتصرفاته معلوم بالإضطرار، لايقدح في ثبوته الإنكار، فمنكره كمنكر كون دجلة في الأنهار، ونافيه كنافي ظلمة الليل وضياء النهار، ومَنْ هذا حاله لايحتاج الى نصب دلالة .أهـ .

وقال المقبلى بعد أنْ قرر هذا، هذا أمرٌ ضروري، وهذا هو الحق الذى لامرية فيه، إلاَّ أنَّ لإدراكه مقدمة، وهي أن تفرد نفسك لله.

48 / 203
ع
En
A+
A-