قال القرشي ولم يسمع عن أحدٍ من أهل الجبر هذا القول، ولاذكرت هذه المسألة في كتبهم الكلامية،وإنْ كانوا لوسُئِلوا عن ذلك لمَا وسعهم إنكاره، إلاَّ أنهم قد وافقوا في المنع من إطلاق القول بأنه ظالم فاعل للقبيح، وأثبتوا المعنى فأضافوا إليه كل قبيح، والذي حكاه المهدي والإمام يحيى عليهِما السّلام: أنَّه لاخلاف بين الأمة في أنه يوصف الباري سبحانه وتعالى بأنَّه عدل حكيم.
قال الإمام المهدي u : لكن اختلفوا في معنى وصفه بذلك، فالعدلية يفسرونه بما تقدم، من أنه لايفعل القبيح... الخ.
أمَّا المجبرة فإنَّما يريدون أنَّ أفعاله لاتوصف بالقبح، لأنَّ القبيح إنَّما يقبح للنهي، أوبكون فاعله مملوكاً،والباري ليس كذلك، بل له أن يتصرف في ملكهِ كيف يشاء .
قلت: ومِنْ هنا تعرف أهمية مسألة التحسين والتقبيح العقليين، وأنَّهما أصل مسائل العدل، فإنَّ الجبرية لمَّا أبطلوه دخلوا في هذه المهالك .
واعلم أن الجبرية كما قال الإمام يحيى u انهم وإنْ وافقونا لفظاً في وصف الباري بالحكمة والعدل، فهم يخالفونا في المعنى، فيقولون بأنَّ جميع القبائح من فعل الله تعالى الله عن ذلك .