قلنا: الله سبحانه عالم بالكفر من الكافر وشرطه، وهو إختياره، أي إختيار العبد للإيمان كذلك أي مع التمكن من فعله وتركه، فَاللهُ سبحانه عالم بالأمرين معاً وشرطهما، وهوإختيار العبد وتمكنه من فعل مايفعله منهما وتركه، فلم يكشف وقوع الإيمان من الكافر لوقدَّرنا وقوعه عن الجهل في حقه تعالى لعلمه سبحانه بالأمرين وشرطهماكماذكرنا، كعدم أي كعلمه عدم اطلاع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على أهل الكهف الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن، حيث يقول:
] لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبَاً [ [الكهف/18] فإنّه أي علم الله سبحانه بعدم إطِّلاع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على أهل الكهف، لم يكشف عن الجهل في حقه تعالى، بالإطلاع المفروض لوحصل من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لأنه عالم بذلك بعد أن علم عدم إطلاع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقد علم الأمرين معاً وهما عدم الإطلاع والإطلاع المفروض المقدر لوحصل شرطه بدليل ماذكره تعالى، من أنَّه لو اطَّلع عليهم لولى منهم فراراً ولَمُلئَ منهم رعباً كما اخبر الله تعالى، لأنه لولم يعلم لمَاصح أن يقول: ]لوليت منهم فراراً وَلَمُلِئتَ منهم رُعباً[ فهو تعالى عالم بالأمرين وشرطهما، وهذا نصٌّ صريح فيماقلنا به، وثبت أنَّ علمه تعالى بكفر الكافر لم يكشف عن الجهل في حقه تعالى لو آمن، لأنه لايكشف عن الجهل في حقه إلاَّحيث كان تعالى لايعلم إلا أحدهما، إمَّا الإيمان في حق المؤمن وإمَّا الكفر في حق الكافر .اهــ.
وقد أوسع الإمام المنصور بالله u الكلام في هذه المسألة في شرح حديث ((فيؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد))... إلخ الحديث .
قال عليه السلام: فإن أراد ذلك فهو باطل لما قدمنا أنَّ العلم لايؤثر في المعلوم، وإنَّما يتعلق على ماهو به، قلت: قوله فإن أراد ذلك هو u في معرض الردعلى بعض المخالفين.
قال u: والدليل على ذلك وجوه: منها أن العلم كالرؤية في هذا الباب، فإن الرائي إذا رأى الشيءَ، يرى الشيء على ماهو به، وكذلك العلم، فكما أنَّ الرؤية لاتوجب المرئي ولاتسوق الرائي إلى حصول الشيء لأجل الرؤية، فكذلك العلم، إلى أن قال وأيضاً فلوكان العلم موجباً للمعلوم وقد يشترك العالمون بالعلم فتكون علومهم موجبة لوجوده، ويكون مضافاً إلى جميعهم، لأن الموجبات لاتختلف إيجابها بالفاعلين، وإلاَّجاز أنْ يتحرك الجسم بحركة وسكون من زيدٍ وعمر إلخ.