ونقول: أنَّ عِلم الله تعالى سابق للمعلومات، غير سائق لها، ولاموجبٌ لحصولها، ولاموجب للتمكين منها، ولوكان كذلك لبطلت الحكمة من إرسال الرسل، وإنزال الكتب، ولبطل الأمرُوالنهي، ولمَاكان العبد مختاراً في أفعاله، ولوكان كذلك لبطلَ الثواب، والعقاب ،لأنه يكون التأثير في أفعال العباد لغير الفاعل منهم.
قال في الأساس وشرحه: قالوا أي المجبرة جميعاً سبق في علم الله أنَّ العاصي يفعل المعصية، فكيف يتمكن من ترك المعصية مع ذلك؟.
وقالوا: قد رُويَ (أنّهُ يُكتبُ في جبينه مؤمنٌ، أوكافرٌ، وشقيٌ، أوسعيدٌ).
قلنا: عِلمُ الله تعالى بعصيان العبد، وطاعته،لاتأثير له في فعل الطاعة أو المعصية، لأنّه سابق لهما غيرسائق.
فما اختاره العبدُ، من فعل الطاعة، أو المعصية علمه الله تعالى منه قبل حصوله، بل قبل حصول العبد وحدوثه، ولاتأثير لعلمه تعالى في حدوث الفعل البتة، فلم يناف علم الله سبحانه وتعالى بمايفعله العبد، تَمَكُّنُ العاصي من الفعل والترك، فانْ فَعَلَ العبد الطاعة علمها الله سبحانه منه قبل أن يفعلها، وكذلك المعصية، فعلمه تعالى مشروطٌ بإختيار العبد للفعل أو إكراهه عليه، إلى أنْ قال قالوا: لوكانَ يقدرُ الكافرُ على الإيمان لكشف عن الجهل في حق الله تعالى لوفعل الكافر الإيمان لأنه لم يكن معلوماً لله تعالى، والله يتعالى عن ذلك، أي عن الجهل.