أما الجواب عن المطلب الخامس من مطالب السؤال، وهو: هل يكفي في الإيمان حب أمير المؤمنين عليه السلام؟ فاعلم: أنا نسوق نزراً يسيراً من الكلام على أحاديث المحبه فقد أخرج الإمام أحمد بن حنبل بسنده قال: حدثنا ابن نمير حدثنا الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش قال: قال علي عليه السلام: (مما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنه لا يبغضني إلا منافق ولا يحبني إلا مؤمن)أهـ. قال السيد العلامة فخر الآل عبد الله بن الإمام الهادي القاسمي رضي الله عنه: والحديث رواه أحمد عن وكيع أيضاً عن الأعمش، وأخرجه عن زر البخاري ومسلم، والحسن بن علي الصفار في أربعينيته، وأخرجه أبو طالب في أماليه من حديث أم سلمة: ((لا يحب علي إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق)) وفيه عن أبي سعيد: إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علياً، وأخرجه عن أبي سعيد أحمد، ولفظ أبي داود: كنا نعرف المنافقين ببغضهم علي بن أبي طالب) وحديث أم سلمة أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير والترمذي وأخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة من حديث علي عليه السلام، وكذا الحميدي وابن أبي شيبة والنسائي وابن حبان، وأبو نعيم في الحلية، وابن أبي عاصم بلفظ: ((والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألاَّ يحبني إلا مسلم ولا يبغضني إلا منافق)) ورواه في المجموع قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنت وزيري وخير من أخلفه بعدي، يا علي بحبك يعرف المؤمنون وببغضك يعرف المنافقون من أحبك من أمتي فقد بري من النفاق، ومن أبغضك لقي الله منافقاً))، وحديث المحبة رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين  uوابن عباس وعمر وابن عمر وأبو ذر وسعد وأبو أيوب وأبو بردة وأبو سعيد وأبو هريرة وزيد بن أرقم وسلمان وأبو رافع وأم سلمة وعائشة وعمار وجابر وأنس وعمران بن حصين وأبو ليلى وجرير البحلي وعبدا لرحمن بن أبي ليلى والبراء وبريده بن الخصيب وسلمة بن الأكوع وسهيل بن سعد الساعدي وعبيد الله بن أصحم الخزاعي وعامر بن سعد وغيرهم أهـ. من كتابه كرامة الأولياء.

واعلم وفقني الله وإياك: أنَّ محبة أمير المؤمنين  uهي أصل عظيم وركن جسيم لا يتم إيمان عبد إلا بها، وليست محبته  uكافية للعبد ومجزية له عن غيرها، بل لا بد للعبد من القيام بأداء الواجبات واجتناب المقبحات، وعلى الجملة فإن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، ومحبة أمير المؤمنين  uمن جملة ما يجب على العبد، ومحبته uهو اعتقاد منزلته  uمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أخوته ووصايته وخلافته، وكونه أحق الناس وأولاهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتصديق بما ورد فيه عن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم من الخصائص التي صحت روايتها ولا ينفع العبد ذلك حتى يكون متبعاً له في أقواله وأفعاله موالياً لأوليائه متبرياً من أعدائه، قال الله تعالى: ]قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّوْنَ اللهَ فَاتَّبِعُوْنِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ[ ويحرم على العبد بغضه وتنقيصه ومن تنقيصه محبة أعدائه.

تحب عدوي ثـم تزعـم أنـني        

                            صديقـك ليس النوك عنك بعازب

وقد أخرج الإمام أحمد بن حنبل مرفوعاً عن علي  uقال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((إن فيك من عيسى بن مريرم مثلاً أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبه النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس له، وإنه يهلك فيَّ اثنان محب يقرضني بما ليس فيَّ ومبغض يحمله شأني على أن يبهتني..إلخ)) وللحديث طرق كثيرة ساق من أخرجه السيد العلامة عبدالله بن الإمام في كرامة الأولياء، والعلامة محمد بن إسماعيل الأمير في الروضة الندية، والحديث من أعلام النبوة، فالذين قرضوه بما ليس فيه من يدعي إلهيته وربوبيته ومن ادعى له النبوة، ومن ادعى له الرجعة ومن غلا فيه وتجاوز الحد، وهلك فيه من أبغضه وقاتله وشتمه على رؤوس المنابر، ومن أنزله عن حقه الذي ثبت له بالأدلة والعجب ممن قال إن العبادة قد نهكته رياءً وترشحاً للخلافة، ومن قال به دعابة وتيه على المؤمنين، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((يهلك فيه رجلان محب مفرط ومبغض مفتر)) أخرجه ابن عبد البر مرفوعاً، وأحمد موقوفاً على الوصي، نسئل الله الكريم أن يرزقنا محبة النبي الكريم ومحبة أمير المؤمنين، وأهل البيت الطاهرين ـ صلوات الله عليهم ـ على الوجه الذي يطابق مراد الله ونبرأ إلى الله من أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أعداء أمير المؤمنين، وأهل البيت الطاهرين، ونسأل الله العصمة والتوفيق والتسديد، وبهذا الكلام يتم الجواب على السؤال السادس، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله علي سيدنا محمد وآله.

135 / 203
ع
En
A+
A-