قلنا في الجواب: أن تعلقهم بأن ما علق على الزائل فهو زائل صحيح لو كان المراد سموات الدنيا وأرضها، لكن المراد سموات الآخرة وأرضها، إذ تعليقه بسموات الدنيا وأرضها مستحيل لأنه في ذلك اليوم قد انقضى وجودهما، والتعليق بما قد انقضى مستحيل، أو أن المراد التبعيد دون التوقيت، وهذه طريقة العرب كما قال تعالى: ]حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ[ [الأعراف/40].

 أما الحواب عن الإستثناء في قوله تعالى: ]إلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ[ فالمراد به إلا ما شاء من لبثهم في عرصة المحشر للحساب ووقت المرور على الصراط عند من يجعله حقيقة، لأنه قال في أول الكلام: ]يَوْمَ يَأْتِ[ يعني يوم القيامة ]لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلاَّ بِإذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وسَعِيْدٌ، فَأَمَّا الَّذِيْنَ شَقُوْا فَفِي النَّارِ[ [هود/ 105، 106] فلولا الإستثناء للزم أنهم في النار من حين خروجهم من القبور ولبثهم في عرصة المحشر ومرورهم على الصراط، والمعلوم أنهم لا يدخلون النار إلا بعد هذه المواقف، ولو أراد إستثناء أناس وإخراجهم من النار لقال: إلا من شاء ربك، لأن مَنْ لِمَنْ يعقل، ومَا لِمَا لا يعقل، فعلمنا أن الإستثناء لا تعود إلى أناس ولا إلى زمن متأخر عن الدخول بل متقدم عليه.

وأما الجواب عما تعلقوا به من قوله تعالى: ]إنَّ رَبَّكَ فعَّالٌ لِمَا يُرِيْدُ[ [هود/107].

فنقول: أنه مجمل لا دلالة فيه أن المراد ما ذكروه، بل يمكن أن المراد فعال لما يريد من خلود أهل النار في النار وأهل الجنة في الجنة، ويلزمهم في أهل الجنة مثل ما قالوا في أهل النار، لأن الله تعالى يقول: ]فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِيْنَ فِيْهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ والأرْضُ إلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ[ [هود/108] فما أجابوا به فهو جوابنا.

 قالوا: قال تعالى: ]وإنْ مِنْكُمْ إلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمَاً مَقْضِيَّاً ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِيْنَ اتَّقَوْا ونَذَرُ الظَّالِمِيْنَ فِيْهَا جِثِيَّاً[ [مريم/71، 72].

132 / 203
ع
En
A+
A-