أحدهما: أنه آحادي.
ثانيها: أنه لم يروه إلا المبتدعة.
ثالثها: أن اختصاصها بأهل الكبائر يقضي بحرمانها أهل الثواب، والدليل الصحيح يأبى ذلك، وشفاعته صلى الله عليه وآله وسلم منصب عظيم، فلا أقل من التسوية، رابعها: أنه لا يعتد في هذه المسألة إلا بالقاطع اتفاقاً قال الله تعالى: ]وأنْ تَقُوْلُوْا عَلَى اللهِ مَالا تَعْلَمُوْنَ[ [البقرة/169]، وغير ذلك وهو مع صحة سنده لا يفيد إلا الظن ومع فرضها فالمراد منه الإستفهام الإنكاري كما أن المراد من قوله: هذا ربي، إلخ كلامه. وكتابه رحمه الله الجواب الأسد قد أورد فيه قدر خمسمائة حديث تفيد التواتر المعنوي في خلود العصاة الذين ماتوا من غير توبة في النار فقد قامت الحجة بحمد الله واتضحت المحجة، وظهر الحق لطالبه، وأما من عند عن السبيل وخالف الدليل فإنما ضرره على نفسه، والله الشبه الواردة في مسألة الشفاعة [الشبه الواردة في مسألة الشفاعة والجواب عنها]
وقد تعلقوا بشبه غير ذلك، فأولها قوله تعالى: ]إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ مَا دُوْنَ ذَلِكَ لِمَنْ يشَاءُ[ [النساء/116] ففي ظاهرها تصريح بمغفرة ما دون الشرك لولا قوله: ]لِمَنْ يشَاءُ[ وهي أعظم مستند لهم وأبلغ ما يتمسكون به، حكى الإمام عزالدين uفي المعراج قال صاحب (زهر الكمائم): هذه الآية سيوف وخناجر على حناجر المعتزلة أهـ.
وقال الإمام المهدي عليه السّلام: ولعمري أن هذه الآية الكريمة كالمصرحة بأنه سبحانه يغفر ما دون الشرك من دون توبة، ولكنه لما قال: ]لِمَنْ يشَاءُ[ صارت مجملة، ووجه استدلالهم بها أن الله لا يغفر أن يشرك به تفضلاً لأنه قد ثبت أنه يغفره بالتوبة، قالوا: فيحب أن يكون التقدير: ويغفر ما دون ذلك تفضلاً، وذلك عام في الصغائر والكبائر، وقد أجاب علماء العدل بجوابات كثيرة ومقنعة ونحن نعمد إلى الإختصار فنقول: أن هذا الذي قدَّروه لا دليل عليه، وإنما هو مفهوم ضعيف والمسألة قطعية لا يؤخذ فيها بالمفاهيم ولا بدَّ فيها من دليل قاطع مع ما تضمنه هذا التقدير من الإغراء بالمعاصي، لأنه إذا كان التقدير كما قالوا أنه يغفر ما دون الشرك بغير توبة فهذا إغراء صريح بفعل المعاصي ما عدا الشرك، قالوا: إذا منعتم التقدير في مذهبنا فما لكم رجعتم إليه في مذهبكم لأنه لا بد فيه من التقدير في الجملة الأولى مطلقاً وفي الثانية مفصلاً بين الكبيرة والصغيرة، لأنه يصير التقدير عندكم أن الله لا يغفر أن يشرك به من دون توبة ويغفر ما دون الكبائر من دون توبة وهي الصغائر، فكيف قلتم لا يصح تقدير التسوية في هذه الآية بحال مع أنه لا بد منه وفيه الإغراء بفعل الصغائر، أجاب أصحابنا: أن التقدير هذا وإن كان صحيحاً إلا أنا نقول أن الآية واردة في تفظيع وتشنيع الشرك والمبالغة في تقبيحه، وأنه لا يبلغ درجته في القبح والفضاعة شيء من المعاصي لذلك وردت الآية على أبلغ الوجوه من عدم ذكر التوبة مبالغة في تقبيحه وإحالة إلى العلم بأنه مغفور معها ومن إيراد المفعول بصيغة المضارع مع إن المصدرية لتفيد أن أدنى الشرك غير مغفور إلى غير ذلك من الوجوه، فتبقى الآية مجملة ليبينها الآيات المقيدة بالتوبة ]وإنِّي لَغَفارٌ لِمَنْ تَابَ[ [طه/82]، وقوله تعالى: ]إنْ تَجْتَنِبُوْا كبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ… الآية[ [النساء/31]، وغيرها، وبيان إجمالها من جهة المغفور ومن الجهة المغفور له والمجمل لا دلالة فيه، فإن قلت: إنها مبينة بقوله: ]ويَغْفِرُ مَا دُوْنَ ذَلِكَ[.