الأولى: أن في اللغة ألفاظاً موضوعة للعموم وهذا ثابت لا شك فيه بدليل أسماء الشرط، وهي: مَنْ ونحوها، لسبق العموم منها إلى الأفهام عند اطلاقها ولصحة الإستثناء، وقد لحظنا إلى هذا فيما سبق.

الثانية: أن كون تلك الألفاظ موضوعة للعموم مقطوع به بدليل استقراء اللغة وتتبعها فإن من استقراء اللغة وجد ذلك معلوماً قطعاً لا يعتريه شك، لا يقال معاني الألفاظ إنما يعرف بالنقل فإن كان متواتراً فكيف خالف في ذلك من خالف وهو ضروري، وإن كان غير متواتر فلا يفيد القطع لأنا نقول نفس الألفاظ نقلت إلينا بالتواتر، وأما معانيها فبالبحث والإختيار، فكانت نظرياً بنفس النقل التواتري لنفس الألفاظ.

الثالثة: إن دلالة تلك العمومات على مدلولاتها قطعية إذ نقطع بمدلولاتها بعد البحث عن المخصص، فلم يوجد وينتفي التجويز للإستثناء ونحوه، وقال أبو شمر: يجوز أن يكون في عمومات الوعيد إستثناء أو شرط مخصص له بالكافر تقديره: إلا أن أعفو أو إن لم أعف، أو أن لم يكن مقراً بلسانه ونحوه، والدليل على بطلان ما ادعاه أنه إذا ثبت أن العموم هو مدلول تلك الألفاظ وأن الله تعالى لا يجوز أن يخاطب بخطاب ويريد به خلاف ظاهره وإلا كان معمياً وملبساً، فثبت أن دلالتها على المعاني قطعية غير مشكوك فيها البتة لا سيما العمومات التي لا يتعلق بها عمل، بل إنما يطلب بها الإعتقاد فقط كما ذهب إليه المحققون من أهل الأصول.

 الرابعة: أن العموم بعد تخصيصه باق على حجته القطعية فيما بقي بعد التخصيص وخالف في ذلك الأصم وغيره من المجبرة وبعض المعتزلة.

وقالوا: العموم إذا خصص بطلت حجته، وصار مجملاً فيفتقر إلى البيان؟

123 / 203
ع
En
A+
A-